عبد العزيز التويجري.. مدرسة فكرية وإدارية لافتة : وفاءً له في يوم تكريمه

TT

ينعم المولى عزّ وجل على الإنسان بنِعم كثيرة في حياته لا يمكن حصرها أو حتى الوقوف عليها، ومن أجلّ هذه النعم، نِعمة الانتماء إلى الوطن، وكذا الانتماء إلى مؤسسة عسكرية حضارية، ثقافية، بحجم الحرس الوطني.

وحينما شرّفني المولى عزّ وجل بخدمة الدين والوطن، من خلال هذه المؤسسة، تعهدتنا أيدي جيل الرواد، في شخص معالي الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، رحمه الله، إحدى المدارس الفكرية والإدارية التي تربّينا فيها، سواء في رحاب مدرسة الحرس الوطني الكبرى برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، أم في رحاب مكتبة الملك عبد العزيز العامة التي تشرّفت بالانتساب لهما.. حيث تعهدنا معاليه بالنصح والإرشاد والرعاية، وضرب المثل من خلال القدوة ومنحنا تجاربه الحياتية ومنهجه الثقافي ومعارفه التي تشرّبها خلال رحلته الطويلة في خدمة هذه البلاد المعطاءة، حتى ليمكنني القول: إن تأثيره فينا تجاوز ما قد تحصّلنا عليه من معارف خلال دراستنا الجامعية، وتجاربنا الحياتية.. بانخراطنا في حياة عملية، تجتمع فيها الأخلاق بالإدارة، وتمتزج فيها الحِكمة بالقرار، وتتلاقى فيها القيم والمبادئ في تطبيق النظم واللوائح.. حتى يمكن القول: استطاع الوالد الراحل، رحمه الله، أن يؤنسنّ الإدارة والثقافة والفكر والأدب بمواقفه المشهودة.

ولا شك أن هذه المفاهيم، استمدها الوالد الراحل، رحمه الله، كانت حاضرة ـ وما زالت ـ في مجالس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، وانتقلت إلينا عبر معالي المساعد الأمين الذي رسم لنا ملامح مدرسته الفكرية والإدارية في الكثير من الممارسات والأعمال التي يقوم بها بين وقت وآخر، فضلاً عن مساهمته الأدبية والثقافية بما ينشره من مفاهيم وقيم.

فمن خلال الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري، عرفنا كيف نتعامل مع قضايا شائكة.

ومن خلال الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري، تعرّفنا على أدباء ومثقفين ومفكرين كانوا مجهولين لدينا.

ومن خلال الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري، تعلمنا كيف نتعامل مع المخالفين في الرأي..

كانت مجالس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري، الثقافية والفكرية والأدبية، سواء في الرياض أم القاهرة أم لندن، مفتوحة ليل نهار، وعلى مدار الساعة..

كان الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري، دائم التطلع إلى تطوير الشأن الثقافي، والرفع بهذا الخصوص إلى مقام مؤسس هذا الإنجاز خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله.

لذلك عشنا وما زلنا عصوراً ننجز فيها كل يوم فكرة جديدة، تخدم الدين والوطن، لكننا نفتقد الآن إلى جيل الرواد في شخص معالي الوالد الشيخ الراحل، رحمه الله، مارسوا الأبوّة والقدوة والأستاذية والنصيحة اليومية.

عندما انتقل معاليه إلى رحمة الله تعالى، افتقدنا والداً ومربياً وإنساناً وأستاذاً وصديقاً، فلا يمكن نسيان حضوره، وإنسانيته الصافية، حيث كنت أرى في ابتسامته التي لم تكن تفارق مُحيّاه.. ضياء ونوراً يسطعان على وجهه رحمه الله، الذي لم أره مرة واحدة، عبوساً أو غاضباً.. وبرغم مرضه الأخير قبل وفاته، رحمه الله، إلا أنه لم يتوقف يوماً عن التواصل مع محبيه وتلامذته، وظل محافظاً على أريحيته مع الجميع.

لذلك نترحم على الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، بمناسبة إقامة هذا المهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي كان لمعاليه، رحمه الله، جهوده الملموسة في رسم خططه والنهوض بأعماله كل عام.. ونعرف أن هذه المؤسسة العسكرية والحضارية والثقافية لن تنساه، رحمه الله، ليظل الحرس الوطني معقل الوفاء.. وجزا الله والدنا الراحل أجر الصابرين ورحمه رحمة واسعة.. وأسكنه فسيح جناته، وفي هذا اليوم أجدّد العزاء فيه لأبنائه وبناته.. وأحفاده وأقربائه.. ولجميع أفراد عائلته الكريمة، وعموم المشهد الثقافي العربي والسعودي، وعوّضنا وأهله وأحباءه فيه خيراً.

* المستشار بالديوان الملكي السعودي

والمشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة