شاهد ما شافش حاجة ولن يشوف؟!

TT

مسرحية شهيرة للفنان الكبير عادل إمام اسمها «شاهد ما شفش حاجة». والحقيقة أنهم أكثر من واحد.. آخرهم السفير سعد مرتضى وهو أول سفير لمصر في إسرائيل. صدر له كتاب عنوانه (مهمتي في إسرائيل).. وكنت على صلة يومية به منذ تقرر أن يكون سفيراً حتى صار سفيراً. وكان الرئيس السادات يلجأ إلى قنوات غير رسمية لا يعرفها لا وزير الخارجية ولا رئيس الوزراء. وكنت واحداً من الذين يكلفهم بمهام سياسية ودبلوماسية. وكنت أستدعي سعد مرتضى وأبلغه ما يقرره السادات أولا بأول.. إما بالسفر أو بالاتصال به بوسائل مختلفة.. وصدر الكتاب ولم أجد فيه شيئاً هاماً عن مشاكلنا مع اسرائيل، وكيف حللناها وكيف عقدوها. فكأن السفير سعد مرتضى لا ذهب ورأى ولم يكتب. فهو لم يشاهد حاجة!

وقبله كان السيد صلاح الشاهد الذي عايش عدداً من الرؤساء، فلما كتب قال كلاماً مسلياً، وكأنه هو الآخر لم يشاهد حاجة.. ودكتور أسامة الباز مستشار الرئيس رأى وسمع ونقل وفاوض وعرف أسراراً لا يعرفها غيره في عهود عبد الناصر والسادات ومبارك.. ولم يكتب مذكراته. ويبدو انه لا يفكر في ذلك.. فكأنه هو أيضاً لا سمع ولا قال ولا شاف حاجة!

وأخيراً د. صوفي أبو طالب الأستاذ رئيس مجلس الشعب رئيس جمهورية مصر لمدة ثمانية أيام.. فنقل السلطة في هدوء من السادات إلى مبارك. وكان ممتعاً إذا تحدث. وكانت لديه أسرار انفرد بها وحده مع الرئيسين السادات ومبارك. وقد بهرنا بأحاديثه. فلم يكتب ما قال. ولا نحن كتبنا. وقد رحل عنا فجأة منذ أيام.. فكأنه مع الأسف ما شفش حاجة..

وأخيراً أنا، فقد رأيت وعايشت ونقلت رسائل ذهاباً وإياباً. وشاركت في مهام خطيرة وقضايا صعبة. وقبل أن يلتقي الرئيس السادات بكثير من الزعماء، كنت ألقاهم وأعرف ما يريدون، وأنقل للرئيس كل ذلك.. وأتلقى ردودا وأحمل رسائل عن الحرب والسلام والمفاوضات.. وكنت أدعو زعماء إسرائيل إلى القاهرة للقاءات سرية مع السادات. فقد كانوا يستخدمون هذه اللقاءات للتأثير على الناخبين.. وكذلك كان يفعل السادات. وكل زعماء اسرائيل جاءوا علناً وسراً.. وكتبت ولم أنشر.

فكأنني أيضاً لا ذهبت ولا رحت ولا جيت ولا قلت ولا قالوا، ولا سمعت ولا شفت حاجة!

والعوض على الله!