إنهم يريدون تخريب المفاوضات

TT

محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أصاب الهدف امس عندما تحدى المتطرفين، مؤكدا أنه لا طريق إلا طريق السلام مهما فعلوا. سعى أمس لإقناع العالم بألا تحبطهم الأحداث الدموية، وألا تلعب بهم الأطراف التي لا تريد السلام.

منذ أن بدأت المفاوضات قبل أشهر كنا نعرف جيدا أن هناك أطرافا اسرائيلية وفلسطينية وعربية وأجنبية ستسعى لحرف القطار عن مساره، وقد تعهدت علانية بأنها ستفشل المفاوضات. لذا لا بد أن نسأل الإسرائيليين لماذا يرقصون مع الجانب الرافض، عندما قاموا بشن هجومهم على غزة ردا على صواريخ حماس؟ ولماذا أوقفوا المفاوضات مع انهم انفسهم يقولون إن هجمات الصواريخ هدفها واحد، واحد فقط، تعطيل المفاوضات ومنع السلام. كانت مناظر الأطفال والنساء القتلى والجرحى تدلل على أن الحكومة الإسرائيلية تعطي حماس ما تريده، تراقصها بنفس لغة الدم والتعطيل وإفشال المشروع الذي قيل لنا جميعا إنه لن يتوقف مهما كانت الآلام حتى يتم التوقيع على اتفاق السلام وقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية.

وهجوم القدس الذي أودى بحياة ثمانية مدنيين إسرائيليين، وكان هدفه أيضا تخريب التفاوض، قدم لنا نموذجا على سهولة تخريب السلام. كل ما تطلب الأمر تجنيد شاب واحد فقط ليسيل هذا الكم الكبير من الدماء والغضب والحرج، وكاد أن يودي بكل عملية السلام الى النهاية.

فهل يعقل أن كبار مخططي السلام يعجزون عن فهم تضاريس منطقتنا المليئة بالأطراف التي تريد ان تجهز فردا لقلب المنطقة رأسا على عقب. هل يعقل ان صواريخ طفولية او فردا واحدا ينجح في القضاء على أمل ملايين الناس وجهد العديد من الحكومات؟

لا أمل للسلام إن كانت العصي التي توضع في العجلة قادرة في كل مرة على تعطيل المفاوضات، بل علينا أن نثق بأن العديد من الأحداث الدامية هي على الطريق يخطط لها.

والسؤال يجب أن نوجهه الى الراعي لمشروع الدولتين، والاتفاق الموعود، الولايات المتحدة، هل تستطيعون التزحلق حتى نهاية الممر الثلجي مهما كانت الصخور والحواف الخطرة؟

إن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الرئيس الأميركي، الذي يفترض ان يعلم انه لن يصل إلى الطاولة التي يجلس اليها الطرفان، ويوقعان أهم اتفاقية في تاريخنا الحديث بدون دماء وضحايا وآلام، إن لم يستعد لخوض غمار حرب السلام، وهي بالفعل حرب، فعليه ألا يبدأها. فالسلام المعطل كان دائما أسوأ من النزاع المستمر. نحن أمام مرحلة مهمة وتاريخية وصعبة ايضا، وعلى من يريد ان يصل الى نهايتها ان يربط أحزمة الأمان ويكمل السير حتى النهاية.

[email protected]