قبلات الضعف البشري!

TT

كان الله في عون الناس في مواجهة شلالات الفتاوى التي تنهال على مسامعهم عبر القنوات الفضائية، فالكل يدعي الدراية بالدين، وأن له الحق في الفتوى، حتى أن الإنسان العادي لم يعد يعرف من يتبع، ومن يرفض.. فبعد حزام العفة الذي اقترحه على المرأة عالم دين ماليزي، وأفتى بأهميته، ظهر رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة بفتوى إرضاع الموظفة لزميلها في العمل، لمنع وجودهما في خلوة شرعية، وهذه الأيام يثار الجدل حول فتوى أخرى لا تقل غرابة أفتى بها جمال البنا، ويجيز فيها القبلات بين الشباب والفتيات في الأماكن العامة، معتبرا أن القبلات بين غير المتزوجين من الشباب والفتيات من الضعف البشري، وتدخل ضمن اللمم في الإسلام الذي تمحوه الحسنات، مشيرا إلى أن تأخر سن الزواج، وارتفاع تكاليفه، وانتشار البطالة، هو الذي يؤدي إلى هذه الذنوب الصغيرة كالقبلات..

وقد اعتبر علماء دين كلام البنا يؤدي إلى نشر الفاحشة، وإشاعة الرذيلة، وخدش العفة، ولم تقتصر المعارضة على علماء الدين، فانضم إليهم ـ بحسب موقع العربية نت ـ عالم من علماء التحاليل الطبية والمناعة، هو د. عبد الهادي مصباح، الذي أوضح علميا أن القبلة تؤدي إلى الإثارة والهياج الجنسي، باعتبارها ترفع هرمون «الأوكسيتوسن»، الذي يقود إلى الذروة، وبالتالي فإن القبلة التي يحاول البنا أن يجيزها بين الشباب والفتيات قد تؤدي إلى الغليان لا إلى الإطفاء، كما نظر إليها جمال البنا، الذي ربما كان مثلي لا يعرف الكثير عن هرمون «الأوكسيتوسن»، أو لعل الرجل بحكم عمره الثمانيني نسي تأثير «الأوكسيتوسن»!

فإذا كانت فتوى إرضاع زميل العمل رغم فجاجتها وجدت من يأخذ بها، حتى أن سيدة جزائرية تقدمت بشكوى شهيرة ضد زوجها لأنه طلب منها إرضاع صديقه ليتمكن من قضاء شهر رمضان في بيتهما، فمن يضمن ألا تجد فتوى القبلات من يعمل بها؟!

وفي ظل طوابير المفتين، وغياب الاتفاق على مواصفات المؤهل للفتوى، وفي مواجهة هذه الفتاوى المتناثرة هنا وهناك، والتي لا ينسجم بعضها مع رأي الجمهور، ولا يتوافق مع الفطرة، ماذا يمكن أن يفعل الإنسان العادي؟! وأي صراع يمكن أن يشتعل في الرؤوس؟ وأي «أوكسيتوسن» يمكن أن يتدفق في الأوردة؟!.. وحسبنا الله.

[email protected]