كيف ستتعامل أميركا مع نتائج الانتخابات الباكستانية؟

TT

أما وقد انتهت الانتخابات البرلمانية في باكستان على نحو حاسم على الضد من رغبة الرئيس برويز مشرف، هناك سؤالان يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذهما بالحسبان: هل سيوافق رئيس الوزراء المنتخب حديثا على العمل مع مشرف، حليف أميركا في الحرب على الإرهاب؟ إذا كان الجواب بالنفي، فما الذي يتعين على الولايات المتحدة فعله ردا على ذلك؟ ومن أجل تهدئة مخاوف الولايات المتحدة حول الانتخابات طمأن مشرف وأصدقاؤه الباكستانيون في واشنطن مرارا وتكرارا صناع السياسة الأميركيين الى أن انتخابات الاثنين ستكون «حرة ونزيهة وشفافة»، وكذلك في الوقت المحدد.

وقد تقدم الاقتراع كما كان مخططا له، غير أن كثيرا من الخبراء والمسؤولين الأميركيين كانوا يشعرون بالقلق مما إذا كانت الانتخابات ستؤدي إلى نتيجة نزيهة. ومن وزارة الخارجية الأميركية حتى أوساط فرق البحث التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، كانت هناك مخاوف من أن استثمار النتائج يمكن أن يرغم البيت الأبيض على القيام ببعض الخيارات الصارمة.

غير أنه على النقيض من بعض التقارير الإخبارية الغربية، لا يعتبر خيار الولايات المتحدة في باكستان ببساطة بين زعيم ديمقراطي معتدل أو النظام العسكري الكلي القدرة. وبدلا من ذلك فإن الخيار بالنسبة لأميركا قد جرى التعبير عنه بجرأة من جانب وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قبل عام خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: «أيا كانت نتائج الانتخابات فإننا بحاجة إلى أن ننتقل في باكستان من سياسة مشرف إلى سياسة باكستان». وتشير ملاحظاتها إلى أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على دعم مشرف بشكل أعمى. ومن هنا فإن أميركا تنتقل نحو تحديد اتجاه سياسة جديدة لباكستان، وفي إطار مبررات معقولة.

ولفترة طويلة دعمت الولايات المتحدة مشرف، الزعيم الذي عزز «عبادة الشخصية». وهو ليس متفردا بين الزعماء الباكستانيين في هذا الصدد. فقد تولى حكام سابقون منذ ذو الفقار علي بوتو إلى الجنرال ضياء الحق دور الزعيم المبالغ فيه. والأمر ليس مختلفا اليوم مع وجود الجنرال السابق مشرف في السلطة.

وعندما كنت أعمل مع الحكومة الأميركية في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية لم يكن بوسع محللي الأمن أن يتخيلوا باكستان من دون مشرف. وفي كل مرة تحدث فيها محاولة اغتيال ضده كان مسؤولون في الحكومة الأميركية يتنفسون الصعداء عندما ينجو مشرف منها. وفي تلك السنوات التي أعقبت الحادي عشر من سبتمبر أدرك محللو الحكومة الأميركية أنه بدون مشرف قد يكون تعاون الولايات المتحدة وباكستان في مجال مكافحة الإرهاب راكدا ومعاقا. ويتباهى الباكستانيون باعتقال أو قتل ما لا يقل عن 700 من عناصر القاعدة على الأراضي الباكستانية، وهو ما يقبله المحللون الأميركيون. وبدون موافقة مشرف فإن تدمير البنية التحتية للقاعدة لم يكن لهأن يكون ممكنا، غير أنه في الوقت الحالي فإن المخاطر كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة إذا ما ساومت على رؤيتها في تعزيز الديمقراطية في باكستان. يجب على الولايات المتحدة أن تدعم زعيما منتخبا ديمقراطيا لمساعدة باكستان على النهوض من دولة ضعيفة إلى دولة قوية. ولكن صناديق الاقتراع وحدها لا تضمن تعزيز الديمقراطية في بلد مثل باكستان. وبوجود عدد كبير من السكان في الأرياف، ممن هم أميون ويمكن استغلالهم بسهولة، لا يمكن أن نكون واثقين من أن انتخابات الأسبوع الحالي يمكن أن تمثل حقا مشاعر الجماهير. والطريق الوحيد لاعتبار هذه الانتخابات «حرة ونزيهة وشفافة» هو انه إذا ما وافقت النخبة الباكستانية على النتيجة أيا كانت بالنسبة لمشرف. ويتعين على أميركا أن تكون مستعدة لدعم الحاكم المدني المقبل حتى إذا رفض الدخول في اتفاقية تقاسم السلطة مع الحاكم العسكري السابق.

* محللة السياسة الدولية في مؤسسة «راند» للأبحاث خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»