الخدمة المدنية والتنمية

TT

تسعى الدول النفطية في منطقة الخليج إلى وضع خطط تنموية طموحة، لكنها تصطدم بالفجوة الواسعة بين التطلعات والإنجازات. والسعودية واحدة من دول المنطقة. ومن أكثرها رغبةً في تنويع مصادر الدخل، لكيلا يكون النفط المصدر الوحيد للدخل القومي، ولكيلا تكون الدولة هي الموظف الرئيس للقوى العاملة.

لذلك حرصت الحكومة السعودية، على انتهاج سياسة السوق المفتوحة، ومنحت القطاع الخاص دوراً واسعاً، وجعلت منه شريكاً لها في التنمية المستقبلية للبلاد. وأمّلت فيه كثيراً. إلا أن القطاع الخاص عاجز عن الانفراد بأعباء التنمية، وسيظل القطاع العام هو المتحمل الوحيد لمسؤولية التوجيه في الخطط التنموية المتتابعة.

وأظهرت نشرة مطبوعة للأمم المتحدة، أن العديد من الدول النامية التزمت بتوفير مناخ مناسب للقطاع الخاص، وأعطت الأجهزة الحكومية ـ في الوقت نفسه ـ دوراً متنامياً. لذلك شهدت تلك الدول (التي تنتهج سياسة السوق المفتوحة) توسعاً عظيماً في خدماتها العامة.

والسعودية تنتهج سياسة اقتصادية راشدة، تحقق التوازن، وتدرك الدور المتكامل الذي يقوم به كل من القطاعين العام والخاص. وتظل فاعلية هذا التكامل، واستمراره وتعزيزه، مرهونةً بالمراجعة الدورية للنتائج، وإدخال الإصلاحات الضرورية على الأنظمة الحكومية ذات العلاقة، وإعادة هيكلة بعضها، على نحوٍ يتواكب مع التطلعات. ليكون القطاع العام داعماً للقطاع الخاص، وممهداً له الطريق، لا معيقاً له. ومن أهم تلك الأنظمة «نظام الخدمة المدنية»، الذي يشكل العمود الفقري لكافة القطاعات الحكومية، فإذا ما صلح، صلح الجسد الحكومي كله.

فلو قامت وزارات الخدمة المدنية في دول الخليج ـ وفي السعودية خاصةً ـ بالتخفيف من دورها التقليدي، المفرط في تفسير النظام، وتصنيف الوظائف.. وما شابه ذلك. وضاعفت التركيز على ما هو أجدى من ذلك، بأن تقوم بتطوير فكر العاملين في القطاع الحكومي، من خلال تغيير مفهوم الخدمة المدنية، ليتناسب مع مفهوم العمل في القطاع الخاص، ليواكب المرحلة التي تتميز بالسرعة والدقة، وكثرة التحولات الاقتصادية. فتسعى إلى نشر ثقافة العمل، واحترام الدقة، وتقدير الانتاج والإنجاز. وتفعيل أنظمة المتابعة والمحاسبة. عندها سنطمئن بأن الخدمة المدنية، عامل داعم للتنمية لا معيق لها!

* كاتب سعودي

[email protected]