دفاع المشاهير لتبرئة الحمير!

TT

جاء في الأخبار أن عريسا طلق عروسه في حفل الزفاف لأنها رقصت على أغنية «بحبك يا حمار»، وهي تشد عريسها من ربطة عنقه وسط المدعوين، فما كان من العريس إلا أن تناول المايكرفون ليعلن على المدعوين طلاق عروسه بالثلاث، فالحمار في ثقافتنا العربية يظل حمارا رغم محاولة بعض الأدباء أمثال العقاد، وتوفيق الحكيم، وحمزة شحاتة تبرئته من تهمة الغباء و«الحميرة».. لكن لهذه الثقافة العربية المتصلة بالحمير استثناءات في بعض المناطق تتصل بعيون «الجحشة»، وقد وقع صديق أكاديمي من إحدى دول شمال أفريقيا في ورطة مع إحدى الفتيات العربيات المشرقيات حينما وصف عيونها بعيون «الجحشة»، فانتفضت الفتاة لكرامتها التي أهدرها ذلك الرجل الذي حاول عبثا أن يقنعها بجماليات عيون «الجحشة» التي تفوق عيون المها جمالا.. وتطور الأمر إلى ضرورة البحث في كل دروب المدينة عن «جحشة» حتى عثر على مبتغاه، وكانت «الجحشة» مكحلة العينين، ناعسة الجفنين، وليس لها أية مشكلة جمالية سوى انتمائها إلى عالم الحمير..

ويروي الكاتب حسن أحمد عمر حكاية صديقه الفلاح الذي مات حماره الوفي فارتجل رغم أميته زجلا في رثاء الحمار يقول فيه:

«مين بعدك

يلبس بردعتك

فين مجدعتك

حقضي العمر أفكر فيك

أحلف لاعمل قعدة وأرثيك».

ولم يكن للعرب القدامى موقف عام من الحمير، فمنهم من كان يؤثر ركوبها، وقد جمع الدكتور نظمي خليل أبو العطا بعض ما قيل في مدح الحمير، ومن هذه الأقوال ما ينسب لخالد بن عيسى الرقاشي حينما استنكر عليه أحدهم ركوب الحمار، فقال: «يحمل الرحلة، ويبلغني العقبة، ويقل داؤه، ويخف دواؤه، ويمنعني من أن أكون جباراً في الأرض وأن أكون من المفسدين».. وقول الفضل في مدح الحمار: «إنه من أقل الدواب مؤنة، وأكثرها معونة، وأخفضها مهوى، وأقربها مرتقى».

ويشير الكاتب حسن خاطر في مقال له بعنوان «عباس محمود العقاد إمام الأدب» إلى أن العقاد كان يقدر الحمير ويدافع عنها، وكتب عنها قصة قصيرة وأكثر من مقال، ويقول: «إنه ـ أي العقاد ـ كان يرى أن غباوة الحمير مثل من أمثلة الظلم الذي يثبت وينتشر بالإشاعة، فليس الحمار بالغبي ولكنه عنيد إذا أراد العناد لأمر لا يفهمه غيره وهناك فرق بين الغباوة والعناد، أما فيما عدا هذا فالحمار فهيم بمقاييس كثيرة من تلك المقاييس التي يقاس بها ذكاء الحيوانات».

وبعد هذه الاستشهادات في جمال «الجحشة» وفضائل الحمير، هل نقول للزوج الذي طلق زوجته من أجل أغنية «أحبك يا حمار»: الصلح خير؟!

[email protected]