الإصلاحيون في الانتخابات البرلمانية بإيران

TT

عشية الانتخابات البرلمانية في إيران، سؤال مهم يطرح نفسه أمام الإصلاحيين: هل عليهم أن يشاركوا في انتخابات ذات قيود كثيرة. قال بعض الإصلاحيين المشهورين مثل عزت صحابي إنه لن يشارك. بينما ترى أحزاب مثل «مشاركة» و«اعتماد» وغيرهما أن الانتخابات هي آخر فرصة كي يعود الإصلاحيون إلى المشهد السياسي. وهناك ما يقرب من 2000 مرشح رُفضت حتى الآن طلباتهم في المشاركة ويشكل الإصلاحيون ثلث هذا العدد. وقال الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يعد إصلاحيا ليبراليا: إن الرفض الجماعي يشكل «كارثة» يمكنها أن «تهدد النظام والمجتمع».

واستأنف الإصلاحيون ضد هذا القرار لدى مجلس أمناء الدستور الذي يتمتع بسلطات كبيرة. وتمت إعادة مئات من المستأنفين بمن فيهم حفيد آية الله الخميني أبو الثورة الإسلامية في إيران. وكان الحفيد قد رفض على أساس فقدانه الولاء للإسلام والدستور. ولعل آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى سيشجع مجلس أمناء الدستور أكثر للسماح بعدد أكبر ممن رفضت ترشيحاتهم، وهذا من أجل خلق الانطباع بأنه زعيم سمح التفكير يقود نظاما ديمقراطيا حقيقيا. وكان الدكتور عيسى كلنتاري وزير الزراعة السابق قد نشر قبل فترة قصيرة رسالة مفتوحة إلى آية الله جناتي رئيس مجلس أمناء الدستور انتقد فيها السبب الذي رُفض بموجبه ترشيحه باعتباره شخصا لا يؤمن بالإسلام! وكان الكثير من الإصلاحيين قد رفضت طلباتهم بالترشيح تحت الحجة نفسها وهذا يعني عدم الإيمان بولاية الفقيه.

يقال إن هناك بعض الأنهار الحلوة في أعماق المحيطات. الثورة تملك نفس الخاصية، ولكن بعد مرور 3 عقود على انتصار الثورة الإيرانية، نرى أن بعض السياسيين، معظمهم إصلاحيون، رُفضت ترشيحاتهم للانتخابات. يبدو أن الثورة تأكل أبناءها وأحفادها.

ويبدو أن هناك تعارضا ومواجهة بين الثورة باعتبارها حلما وبين الحكومة المعنية المثيرة للقلق بسبب قوتها وسلطتها. ولعله قدر لا يمكن تجنبه بالنسبة لكل الثورات مثل الثورات الفرنسية والروسية والكوبية، فأولاً تبدأ كل ثورة كحلم مملوء بالأمل والسعادة، لكنها تدريجيا تحول اتجاهها فتصبح كابوسا.

أظن أن الوضع المعقد في إيران الذي أصبح أكثر تعقيدا بعد قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، وهذا ما جعل ممكنا تحقق انتخابات أكثر نزاهة وأكثر حرية، ويمكن أن توفر فرصة جديدة كي تحل الحكومة مشاكلها مع مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة.

والقرار الجديد لمجلس الأمن الدولي يوسع من حصاره ضد إيران. ويدعي بأنها تحاول التزود أكثر باليورانيوم، العنصر المفتاح في تطوير الأسلحة النووية. ويشدد نص القرار منع استيراد التكنولوجيا ذات الاستخدامات المزدوجة المستخدمة لأغراض سلمية وعسكرية، وطالبت الدول أن تفتش الشحنات من أي مواد نووية باتجاه إيران أو منها. ويضيف القرار أسماء 13 شخصا وشركة إلى قائمة المجمدة حساباتهم حيث يعتقد أن هؤلاء هم طرف في تنفيذ البرنامج النووي الإيراني.

من جانب آخر، يبدو أن الحكومة الإيرانية تستخدم هذا القرار كأداة جديدة ضد الإصلاحيين. ففي حالة توجيه أي انتقاد لسلوك الحكومة السياسية سيتم التعامل مع الشخص المنتقد بقبضة حديدية. أنت ستتهم بأنك لا تؤمن بالإسلام أو أنك عميل للولايات المتحدة! وهذا يعني أنك تعيش في كابوس.

كتب المخرج السينمائي الشهير محسن مخملباف مقدمة لكتابه الجديد الذي سينشر في إسبانيا وقال فيه إننا كإيرانيين نعيش ثلاثة كوابيس كل يوم. فكل يوم هناك تهديد بوقوع زلزال في طهران، وهناك كابوس خطر قيام الولايات المتحدة بالهجوم على إيران، والثالث هو أنك حينما تخرج من بيتك لا تستطيع أن تضمن العودة إليه، إذ قد تتعرض للاعتقال.

ويؤمن الرئيس السابق خاتمي بوجود خطة خاصة للتخلص من الإصلاحيين. ففي تجمع لكل هؤلاء الإصلاحيين الذين تم رفضهم من قبل وزارة الداخلية ومجلس أمناء الدستور كمرشحين، قارن خاتمي الوضع في إيران بالوضع في المدينة بعد موت الرسول! وقال إن أصدقاء الرسول واجهوا الكثير من المشاكل بعد وفاته. فقبل خطاب خاتمي انتقد آية الله تافاسولي القريب من آية الله الخميني الراديكاليين قائلا إنهم نسوا إرث الخميني. وخلال خطابه أصيب بسكتة قلبية آلت إلى وفاته.

من الواضح أن هناك انتخابات لكنها ليست مستندة إلى الديمقراطية والحرية لأنه تتمكن بسهولة من تخمين النتائج! سيفوز الراديكاليون بالانتخابات لأن الإصلاحيين سيتنافسون على 30% من مقاعد المجلس النيابي في أحسن الأحوال.

لذلك فأنا على قناعة كاملة بأننا حينما نتكلم عن الديمقراطية والحرية فإنها يجب أن تقام على مبدأ العدالة والأحزاب لا على مبدأ القوة والمنظمات العسكرية.