الممثلون الشرعيون الوحيدون

TT

لا جديد في الأمر يا مولاي: منذ أن أنشئت القمة العربية والقضية الأولى على جدول الأعمال، فلسطين. وفلسطين كانت الغائب الوحيد. واليوم سوف يكون لبنان موضوع القمة ولبنان غائب، فما الجديد في الأمر؟ وكان الغضب الأكبر قد حل على ياسر عرفات عندما تحدث عن «القرار الفلسطيني المستقل»، باعتبار أن فلسطين قضية عربية شاملة، وبالروح بالدم، كما يتوجب وينبغي. والآن يؤخذ على لبنان هذه النعرة الاستعمارية الدفينة التي لا تكف عن الظهور الوقح بين حين وآخر: الرغبة في الاستقلال.

عار الاستقلال لا يمحى. ولذلك على لبنان أن يأتي إلى القمة ـ إذا فكر في المجيء ـ متخليا عن تلك السموم التي نشرها في الأمة: حرية وديموقراطية وإمبرياليات أخرى. وأنا شخصيا لا أدري سبب إصرار لبنان على عبور 70 كيلومترا إلى دمشق، ما دامت الأمم كلها حاضرة عنه، تمثله وتحكي باسمه، وتسمي رئيس جمهوريته وتحدد له قانون الانتخابات. لماذا التعب الإضافي؟

دعوا الأمم المتحدة والجامعة العربية تقرران ونحن ننفذ.

هناك دول ولدت لكي يفكر الآخرون عنها ويقرروا عنها، مثل لبنان، وهناك دول لن تولد لأن الآخرين مصرون على أن يفكروا عنها ويقرروا عنها، مثل العزيزة فلسطين، التي كانت طريقها إلى القدس تمر ببيروت، إلى أن جاء صدام حسين وصحح المسار وقال بل هي تمر بالكويت. والآن يبدو أنها تمر بطهران. وقبل الاستقرار على ممر واحد ذابت الأراضي الباقية في أمرين متساويين: الاحتلال الاستيطاني والتقسيم القومي.

الغريب أن صوتا واحدا أعلن أنه لا ضرورة لأن يحضر لبنان القمة هو صوت المعارضة، ممثلا بالجنرال ميشال عون. ومن غرائب الصدف أن أول مرة غاب فيها لبنان عن القمة ـ وهو عضو مؤسس في الجامعة ـ كانت في الدار البيضاء وكان السبب الجنرال عون، الذي انشق البلد أيامه إلى حكومتين، واحدة برئاسته من ثلاثة ضباط، والثانية برئاسة الدكتور سليم الحص، نالت ثقة مجلس النواب والشرعية الكاملة.

وليس في لبنان اليوم حكومتان. هناك مجموعة دول لا يمكن إقناعها بحضور القمة المعقودة من أجلها، والدولة الوحيدة التي تريد حضور لبنان يقال إنها غير شرعية.