الزئبق الأحمر بمتحف التحنيط بالأقصر!

TT

كنا قد أنهينا المقال السابق عن خرافة الزئبق الأحمر، بما حدث لثلاثة شبان من عائلة واحدة، خرجوا بحثاً عن الزئبق الأحمر في أحد جبال أسوان، حيث قاموا بالحفر أسفل أحد الجبال، بعد أن أخبرهم أحد المشعوذين بوجود مومياوات وزئبق أحمر في هذا المكان، وبينما هم منهمكون في الحفر وأحلام الثراء تدور بمخيلتهم انهار جزء من الجبل عليهم، واضعاً نهاية مأساوية لحياة هؤلاء الشبان الذين كانوا يسعون وراء ثراء زائف، بدلاً من أن يجدوا في أعمالهم ليحسنوا من واقع حياتهم مثلما نجح في ذلك العديد من أقرانهم الذين لم يلتفتوا إلى الوهم.

كذلك أشرنا في المقال السابق إلى إشاعة جد خطيرة، انتشرت في مصر منذ عدة سنوات، وكان يمكن أن تؤدي إلى نتائج سيئة، لولا أننا تصدينا لها في كل مكان، هذه الإشاعة كانت تقول بأن هناك في متحف التحنيط بالأقصر زجاجة تحتوي على الزئبق الأحمر، وبالفعل هناك في هذا المتحف زجاجة بها سائل أحمر، هذا السائل ليس له أي علاقة بموضوع الزئبق الأحمر، وقصة هذا السائل أنه أثناء الكشف عن أحد المقابر بسقارة والتي تعود إلى العصر الصاوي ـ عصر الأسرة 26 (664 ق.م) ـ تم الكشف عن تابوت مغلق من الحجر وبفتحه عثر على مومياء وحولها هذا السائل الأحمر، الذي هو من مخلفات عملية التحنيط التي يبدو أنها كانت تجري على عجل على هذه المومياء، وعند إحكام غلق التابوت وبفعل الحرارة والتفاعلات الكيميائية، تحولت بعض مواد التحنيط إلى هذا السائل، الذي تم تجميعه ووضعه في هذه الزجاجة بمتحف التحنيط، وهذه حادثة لم تحدث من قبل وقد أجريت أبحاث على هذا السائل، الذي اتضح أنه مزيج من المياه والراتنجات المذابة، وغيرها من المواد التي استعملت في التحنيط.

أما عن نهاية قصة ذلك الثري العربي الذي جاءني عارضاً مبالغ طائلة من المال، للحصول على الزئبق الأحمر، الذي أعتقد أنني أمتلكه في مكتبي، فكنت أطالع الصحف ذات يوم حينما وقعت عيناي على خبر أن أحد النصابين طلب من أحد الأثرياء العرب مبلغ 27 مليون دولار، للحصول على سائل الزئبق الأحمر، ولكي يعاين هذا الثري فقط الزئبق الأحمر، كان عليه دفع مبلغ خمسة ملايين دولار، وعندما قامت الشرطة بالقبض على نصاب الزئبق الأحمر، اختلق قصة غريبة، حيث أدعى أنه على صلة بشخص يعمل في صحراء الجيزة، ويقوم بالحفر خلسة، واستطاع أن يكشف عن الزئبق الأحمر داخل المومياوات التي عثر عليها داخل مقبرة بعيدة عن رجال الآثار، وأن الفراعنة استخدموا هذا الزئبق للعلاج من سيطرة الجان على الإنسان، واستخدموه في الحصول على الكنوز والثروات إلى آخر هذا الكلام المعروف.. وقيدت القضية كجنحة نصب رقم 11768 إداري قسم إمبابة، ولم تنشر الصحف اسم هذه الشخصية المهمة، ولكن واضح جداً أنه نفس الشخص، الذي كتبت عنه من قبل.

إن قصص النصب عديدة والتي حدثت بسبب خرافة الزئبق الأحمر، ولقد كان من أطرفها أن أحد الأثرياء وقع ضحية نصب من بعض الأشخاص الأفارقة، أوهموه أنهم في استطاعتهم أن يحولوا الورق الأبيض إلى دولارات عن طريق الجن، بعد أن يسيطروا عليه ويسخروه، وكانت النتيجة الطبيعية أن فقد هذا الرجل أموالاً طائلة، وذهب يبكي إلى الشرطة التي كان عليها أن تبحث عن هؤلاء النصابين لإنقاذ أناس آخرين، على الرغم من أننا جميعاً نعلم أن القانون لا يحمى المغفلين..

www.guardians.net/hawass

www.guardians.net/hawass