سيدي الرئيس: تمهل.. لا داعي للركض

TT

يعد جورج دبليو بوش بالإسراع نحو خط النهاية في رئاسته. ويتعين على البلاد أن تستجيب لصوت زعيمها بموقف ينم عن عدم الارتياح. وبدلا من الاسراع فانك ايها السيد الرئيس بحاجة الى أن تبدأ تراجعا دقيقا بأسلوب عسكري من المكتب البيضاوي للتخلص من مزيد من الخسارات وحماية المكتسبات المحدودة في فترة رئاستك. وهذا صحيح من الناحيتين السياسية والاقتصادية وأكثر من ذلك في مجال السياسة الخارجية.

ان خروجك من المسرح وكيفية القيام بذلك هام جدا بالنسبة لجون ماكين. ففرص فوزه في نوفمبر المقبل تعتمد على الهروب، وإن يكن باحترام، من سجلك ومن استراتيجياتك الفاشلة وموقفك المعارض باستمرار لأولئك الذين لا يتفقون معك في الداخل والخارج.

ويمكنك أن تساعد مرشح حزبك في الغالب عبر التنحي عن المشهد تدريجيا والاختيار الدقيق للمعارك حيث امتياز مكتبك يتجاوز الخصومات المحيطة بك.

حاول أن تقلص ملاحقة ارثك. واستثمر وقت وحيوية الرئاسة على سبيل المثال في حل أزمة الاعتمادات التي أثيرت في فترتك عبر الاقراض بدون ضمانات، بدلا من تركها لوزير خزانة غير فعال لم يستطع تحقيق مصداقية في هذه القضية.

وعلى صعيد السياسة الخارجية طبق الدروس الناشئة من النزاعات حيث كنت اكثر فاعلية عندما لا يراك الآخرون كثيرا. والمثال الجيد على هذا هو الحملة العسكرية التي ادارتها تركيا بنجاح في شمال العراق والتي انتهت يوم التاسع والعشرين من فبراير الماضي. وربما كانت النتيجة الأساسية لثمانية ايام من ضربات الجيش التركي في أراض خراب ومعسكرات مهجورة الى حد كبير لمسلحي حزب العمال الكردستاني، تقوية الحكومة الاسلامية المعتدلة التي يقودها رجب طيب اردوغان. وقد علمت أن هناك خطا أحمر على حملة لا تعتزم الحاق الضرر بالحكومة العراقية أو الادارة الكردية الاقليمية قد جرى التوصل اليه في البيت الأبيض اثناء لقاء مع اردوغان في الخريف الماضي. ويقال أيضا إنك فوضت بمستوى استثنائي من التعاون الاستخباراتي تابع بموجبه كبار الضباط الأتراك عمليات قواتهم داخل العراق عبر شبكات الأقمار الصناعية الأميركية وطائرات الاستطلاع بدون طيار. وقد ساعد هذا التعاون السري على اصلاح العلاقات مع الجيش التركي. لقد اظهرت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي والحكومة الكردية الاقليمية برئاسة مسعود برزاني مستويات جديدة من السلاسة في معارضة العمليات التركية مع انتقادات محدودة للغاية، وهذه السلاسة هي مكسب يمكن الاعتزاز به، شريطة القيام به بصمت.

وبالتالي ان ادارتك قد حققت رد الفعل المناسب والهادئ نسبيا للترحيب الحار الذي تلقاه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في بغداد في الاسبوع الماضي. وكما اكد لكم الرئيس العراقي جلال طالباني اكثر من مرة، فإن على العراق العثور على وسائل للعيش مع جيرانه من غير العرب حتى في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة احتواء النفوذ الايراني. ان اللون السياسي المسيطر في المنطقة هو الرمادي وليس الاسود والأبيض. ان تراجع قطاع الاستخبارات الاميركية بخصوص طموحات ايران النووية يؤكد ميزات عدم كونك الصوت الاعلى في كل جدل. فالحكومات الاوروبية تتحدث كثيرا الان بخصوص رفض ايران المشاركة في محادثات جادة معها اكثر مما تفعل بخصوص رفضكم اجراء محادثات مع ايران او ازالة العمل العسكري من على الطاولة. كما لديك فرصة عظيمة للبقاء بعيدا عن الساحة في التوتر المتعلق بغارة القوات الكولومبية داخل معسكر للمسلحين داخل الاكوادور في الاسبوع الماضي. ان ابتعاد الرئيس سيساعد على حرمان هوغو تشافيز رئيس فنزويلا من منبر لتحويل معاركه الحدودية الى شيء اكثر تهديدا من مجرد تدريب على مناوشة الاميركيين.

سيحاول شافيز مناوشتك لتضخيم وضعه القومي ـ الذي تبين مدى فراغه في المقال الذي كتبه فرانشيسكو رودريغيز الاقتصادي الاول السابق للمجلس الفنزويلي الوطني، في مجلة «فورين افيرز». سيدي الرئيس تمهل ولا داعي للركض. ركز على الكارثة الانسانية في قطاع غزة وحالة الفوضى السياسية والعسكرية في باكستان وافغانستان.

* خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»