محمد جميل.. جدا

TT

عالم رجال الأعمال تمكنت السينما وبنجاح من تصويره بأنه عالم مريب وعالم مليء بالصفقات المريبة والنوايا الخبيثة، وهذا طبعا تعميم رخيص وفيه انتقاص كبير للحقيقة. فهناك أمثلة ناجحة وجديرة بالإبراز غيبت في عالمنا العربي نتاج الأحداث السياسية الكئيبة، والتي غطت أخبارها على كل شيء آخر. ولذلك كانت مفاجأة سارة جدا حين كرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، رجل الأعمال السعودي محمد عبد اللطيف جميل، بمنحه أعلى أوسمة البلاد في مهرجان الجنادرية. وسجل محمد جميل أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه سجل مبهر واستثنائي، فهو بالإضافة إلى نجاحاته الواضحة في عالم الأعمال، والتي تخطت حدود بلاده، لتصبح نجاحات عالمية بحق وجدارة لا غبار عليها، فهناك السجل المتعلق بخدمة المجتمع، وتطوير فرص العيش الكريم لأبناء وبنات بلاده. لم يسع محمد جميل لأن يتبوأ قوائم الثروة الأعلى دخلا، ولم يشغل الناس بأخباره عبر وسائل الإعلام، ولم يتطلع لأي منصب أو مركز، شغل نفسه بتطوير أعماله وخدمة بلاده، هكذا وبكل بساطة. وفي ظل البحث عن القدوة والمثل الأعلى، وهي المسألة التي تحير جيل عريض من الشباب يملأ العالم العربي، يظهر اسم محمد جميل مضيئا براقا بقصص نجاح ومعايير عطاء ممكن تقديمها درسا للأجيال، وأنه لمن المؤسف عدم تبني الجامعات المحلية لقصص نجاحاته وإدراجها ضمن المناهج، فهي قصص نجاح وتحديات من الواقع المحلي بدلا من التنظير غير المجدي، والاستفادة من نجاحات برامجه ونهجه الإداري لتعم الفائدة وهي أهم وأكثر جدوى من بعض المحاضرات والندوات المليئة بالطرح العبثي والتشدد. وليس محمد جميل بأقل من منشئ بنك الفقراء رجل الأعمال البنغلاديشي والحائز جائزة نوبل للسلام محمد يونس، ولا أقل من رئيس وزراء سنغافورة الأسبق لي كوان يو اللذين يرويان تجربتهما الثرية لآلاف المستمعين في أنحاء العالم. مبادرة مهمة وجميلة تكريم محمد جميل من خادم الحرمين الشريفين، ففي ذلك إشارة صريحة بأن النجاح يقدر ويحترم والنهج السوي مكانه المجد ولا يصح إلا الصحيح.

من جانبه أصر محمد جميل على أن يحضر كافة أفراد أسرته هذه المناسبة التاريخية معه، وحسنا فعلت إدارة المهرجان بقبول ذلك.

عندما صرح وزير العمل السعودي غازي القصيبي في مناسبة عامة مؤخرا بقوله: إنه يتمنى لو كان بمقدوره أن يستنسخ «مائة محمد جميل» لم يكن مبالغا، فمحمد جميل تحول من رجل أعمال إلى قصة نجاح وطنية يحق لكل سعودي وعربي أن يفتخر بها، وخصوصا أنها جاءت بدون صخب ولا ضجيج مصطنع، جاءت بجدارة ومصداقية وأمانة وبدون إشاعات وقصص مريبة حولها. حافظ محمد جميل على اسم والده على صرح شركته الاقتصادية العملاقة، وأطلق اسم والدته على اسم معهد متخصص للسيدات، ولم يقتصر بره على والديه فحسب، بل امتد إلى مجتمعه، وأطلق المبادرات المختلفة عملا بالحكمة القديمة التي تقول «لا تقدم له سمكة ليأكلها، ولكن علمه الصيد». الوسام الذي قدم لمحمد جميل من خادم الحرمين الشريفين هو تحية كبيرة لرجل يستحقها بكل جدارة.

[email protected]