أميركا: وزارة الأمن الداخلي والمشكلة الكبرى

TT

تحتفل وزارة الأمن الداخلي الاميركية هذا الأسبوع بمرور خمس سنوات على إنشائها، وهي الجهة الوحيدة في الحكومة الاميركية التي يتمثل أكبر إنجاز لها عندما لا يحدث أي شيء. ولا يحظى وزيرها، مايكل شيرتوف، بتقدير يذكر في واشنطن.

بعض الوزارات الأخرى تشغل بنايات هائلة وفخمة، فيما تشغل وزارة الأمن الداخلي بناية عادية أشبه بالفنادق الرخيصة. مكاتبها متواضعة وسجادها عادي وطاقم أمنها في المدخل الرئيسي يضيع وقته في التدقيق في الكثير من الاستمارات.

للعام الخامس منذ تأسيسها يسير العمل إلى الأمام في هذه الوزارة التي تعمل جاهدة على التنسيق بين 22 وكالة تم جمعها لغرض إقامة مؤسسة أمنية واسعة تضم 208000 عامل. إلا ان البعض يتخذ منها موقفا نقديا على اعتبار انها لا تزال مجموعة من الأقسام البيروقراطية أكثر منها وزارة.

وزير الأمن الداخلي أوضح من جانبه الكيفية التي تعمل بها. عملها لا يعدو ان يكون مسألة حياة أو موت للبلد. ولكن على الرغم من هذه الأهمية الجوهرية، فإنها لا تزال في ذيل مؤسسات السلطة. طلبت من شيرتوف التعليق على الدروس المستخلصة من الحكومة خلال فترة الثلاث سنوات التي قضاها في الوزارة، وتركز حديثنا على القضايا ذات الصلة بتشغيل مثل هذه الأجهزة البيروقراطية الكبيرة. فاجأني شيرتوف بصراحته في وصف العقبات التي تعترض طريق تشغيل مثل هذه الوكالات الحكومية على نحو فاعل.

قال شيرتوف ان الحكومة الفيدرالية عبارة عن «نظام محافظ بالوراثة ومبني على أساس منع حدوث أي تغيير مفاجئ». ثقافة الخمول هذه من جانب واشنطن كانت مشكلة بارزة أمام أي وكالة انشئت من الصفر اثر حدوث أزمة وطنية قاسية. قال شيرتوف أيضا ان كل عناصر الوزارة خاضعة لإشراف عدد من أعضاء الكونغرس، وطبقا لتقديره فإن ميزانية الوزارة خاضعة لإشراف 86 من لجان الكونغرس ولجانه الفرعية أيضا.

وقال أيضا انه بات من الصعب تحديد الأولويات، وتحدث أيضا عن وجود ثلاثة أنواع من الذهنيات تقف في طريق اتخاذ القرارات الايجابية. الأولى تتجسد في بضعة أصوات عالية تقف حجر عثرة في وجه الخطوات الحكومية التي تصب في مصلحة كل من سواهم. وأشار في هذا السياق إلى موقف أصحاب المتاجر في المناطق القريبة من الحدود، وهم الذين قالوا ان أعمالهم التجارية ستتأثر سلبا بسبب القواعد الجديدة التي تهدف إلى التوثيق الدقيق للإجراءات المتعلقة بكل المسافرين، حتى الذين يأتون للتسوق لبضع ساعات. يتجسد نموذج العقلية الثانية، كما يقول شيرتوف، في أصحاب الأراضي في مناطق جنوب غربي الولايات المتحدة الذين يسعون إلى إغلاق الحدود ـ ليس عبر أراضيهم وإنما عبر أراضي الجيران ـ بدعوى ان الإبقاء عليها ربما يؤدي إلى دفع المهاجرين بصورة غير قانونية باتجاه أراضيهم.

اما العقلية الثالثة، فيمثلها القادة السياسيون الذين لا يرغبون في استثمار أي أموال في مشاريع أو أعمال تظهر نتائجها بعد سنوات، وساق مثالا بالفشل على مدى عقود في الإنفاق على صيانة وتجديد نظام مصدات الفيضانات في نيو اورليانز.

شيرتوف أيضا له أخطاؤه كمسؤول عن وزارة الأمن الداخلي، لكنه على حق في المشكلة الكبرى المتمثلة في خدمة المصلحة العامة في مدينة تغطي عليها المصالح الخاصة.

* خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»