هذه هي المرأة

TT

في إحدى السنوات جمعتني الصدف مع أحد الأشخاص في قرية سويسرية، وكنت أسكن في غرفة في أحد (البنسيونات)، وكان هو يسكن في (شاليه) خشبي أنيق مطل على إحدى البحيرات، ودعاني يوماً للعشاء وتكملة السهرة في أحد المقاهي، وذهبت إليه على الموعد بكل همة ونشاط كعادتي دائماً (بالملمّات).

وبينما كنا نهم بركوب سيارته، وإذا بجارته العجوز تصيح وتبكي وتكاد تنتف شعرها، فاتجهنا إليها لكي نستعلم عن المصيبة التي حلت بها، فأشارت إلى شجرة طويلة وتقول أن قطتها الغالية قد «تشعبطتها» ولا تعرف كيف تنزل، وأنها خائفة عليها من السقوط.

وفعلاً كانت القطة المسكينة تموء مرتجفة في أعلى الشجرة، فما كان من ذلك الشخص النبيل إلاّ أن يتسلق تلك الشجرة كأي نسناس، ويأتي بالقطة سالمة ويضعها بين يدي العجوز التي شكرتنا وأصرت زيادة في الحفاوة بنا أن تعزمنا على كوب من الشاي مع الجاتوه. شربنا وأكلنا وودعنا مضيفتنا ببعض القبلات، وركبنا سيارتنا وما كدنا نسير بها عدّة أمتار، وإذا بالعجوز تنادي مولولة، توقفنا مستغربين، وكانت صدمتنا بما حصل كبيرة، إذ أننا دهسنا القطة من دون أن ندري، وكان هذا هو أجلها المحتوم الذي لا يتقدم ساعة ولا يتأخر ساعة، سبحان الله (!!).

* * *

أجرت الغرفة التجارية في شيكاغو اختباراً مسلياً لمعرفة مصير دولار من الدولارات خلال شهر واحد، وألصقت به نشرة اقترحت فيها على كل شخص يقبض هذا الدولار أن يبين وجهة صرفه.

ففي مدّة هذا الشهر صرف الدولار ما يقارب من 55 مرة. منها سبع مرات في دفع أجور ومرتبات، وسبع مثلها لشراء سجائر، وخمس أخرى لشراء أدوات مكياج، وخمس مثلها لدفع ثمن طعام، وخمس لدخول السينما، ومرتان للحلاق، ومرة لشراء أزارير، وثلاث لشراء أزهار وورود، واثنتان لتذاكر دخول مباريات رياضية، وأربع لدخول بارات، وأربع لركوب تاكسي، وست لشراء هدايا، واثنتان لشراء أدوية، ومرّة واحدة دخل في جيب أحد السجناء، ومنها انتقل رأساً إلى يد أحد الحراس لسبب غير معروف، ومرتان لامرأة تمارس مهنة الفن، وأخيراً استقر في يد أحد الشحاذين البخلاء، الذي رفض صرفه والإفراج عنه.

* * *

خطرت على بالي الآن (الآن) فكرة جهنمية ـ وأخشى ما أخشاه أن الشيطان قد وسوس في صدري بذلك ـ ولكنني إن شاء الله أقوى من الشيطان، وشرطي الوحيد انه ممنوع على أية امرأة أن تقرأ كلامي التالي:

ثبت أنه من كل مائة ألف من قارئات هذه الجريدة، أن تسعة وتسعين ألفاً وتسعمائة وتسعا وتسعين سيقرأن هذه الفكرة، بدافع الفضول واللقافة ـ كعادة أغلب النساء ـ وواحدة فقط لا تقرأها لأنها لا تعرف القراءة.

[email protected]