كارلوس غصن ينقذ إسرائيل

TT

إن أكثر ما يوجع اسرائيل اليوم ليست صواريخ القسام من حماس بل أسعار براميل النفط الخليجية التي وضعت الحكومة الاسرائيلية تحت ضغط مالي هائل، وعجز متزايد في ميزانيتها. لذا جعلت الضريبة على شراء السيارة نحو ثمانين في المائة، مقارنة بسبعة في المائة في كثير من الدول العربية. كما رفعت الحكومة اسعار النفط الى سبعة دولارات للجالون مقارنة بدولار واحد للجالون في معظم محطات البنزين العربية.

فإسرائيل بلد فقير بتروليا، وزاد في سوء حظ الاسرائيليين وغيظهم ان البترول ظهر في كثير من الدول العربية حولهم الا في اراضيهم، وزاد غيظهم غيظا ان المكان الوحيد الذي اكتشف فيه النفط في محيطهم ظهر قبالة ساحل غزة، أي للفلسطينيين، الذين بكل اسف لم يتوقفوا عن قتال بعضهم البعض معطلين عملية التنقيب في البحر. كما خسر الاسرائيليون البترول الوحيد الذي وضعوا يدهم عليه في سيناء لأن الرئيس المصري الراحل انور السادات سار في التفاوض الى آخر الطريق، فاستعاد كل سيناء ببترولها وقناتها.

عاد الاسرائيليون للتفكير في الموضوع لأن السعر لا يتوقف عن الصعود بسبب العرب، ووجدوا الحل عند العربي الأصل كارلوس غصن الذي استضافه الاسرائيليون فقدم لهم الحل. غصن هو رئيس شركة رينولت نيسان، ثالث اكبر تجمع يصنع السيارات في العالم. قاموا بدعوته ووجد رغبة حقيقية عند الاسرائيليين في التحول من النفط الى أي طاقة أخرى، فعرض عليهم الطاقة الكهربائية. وقد تعهد غصن ان يجعل اسرائيل اول بلد في العالم تسير سياراته على البطارية الكهربائية بعد ثلاث سنوات فقط. ومع ان الكثيرين يشككون في امكانية إلغاء محطات البنزين لبلد فيه مليونا سيارة تسير على البترول، الا ان الشركة تعتقد ان المشروع مؤهل للنجاح لان الاسرائيليين مضطرون للتغيير، ولا يملكون الفائض من الاموال لإنفاقها على شراء البترول الروسي الذي اصبح باهظ الثمن.

والعلماء الاسرائيليون يعتقدون انهم بتشجيع البطارية الكهربائية لا يسيرون سياراتهم بل ايضا سيضربون اكبر اسلحة العرب، النفط. وبتجربتهم سيقودون العالم الى استخدام السيارة الكهربائية التي لا تزال طفلا يحبو في حاجة الى الكثير من التطوير. وقالت الشركة المطورة ان اسرائيل من افضل الاماكن للمشروع لان اهلها لا يرحلون فيها الى اماكن بعيدة، ربما الا في الدبابات. فالسفر من تل ابيب الى القدس نحو 60 كيلومترا فقط، مما يجعل السيارة الكهربائية مناسبة بحكم محدودية تخزينها.

ومعركة البطارية تعيد التأكيد على ان الحرب مع اسرائيل كانت دائما علمية لا عسكرية، كما يظن اكثرنا. معركة بين التقدم والتخلف، تتفوق فيها اسرائيل لأنها تمضي معظم قدراتها باتجاه التعلم والتحديث، ويهزم فيها العرب لأنهم مشغولون بالتاريخ والبيانات والصراخ.

[email protected]