جنازة «أبو عصام»

TT

تخلصت الدراما السورية مبكرا من هيمنة الممثل الواحد، وخرافة البطولة المطلقة، حتى ليحتار المتابع للمسلسلات السورية في تحديد أدوار البطولة، التي غالبا ما تكون لفريق العمل بأكمله، وهذه مزية الدراما السورية التي اتسمت بها عن غيرها من المسلسلات العربية ذات النجم الواحد وسط جوقة «الكومبارس».. والدراما السورية تعيش هذه السنوات أزهى عصورها، فلم يعد «غوار الطوشي» وحده يمثل كل تلك الدراما، فثمة نجوم بالجملة تحتفي بهم اليوم الدراما العربية..

وليس أدل على تخلص الدراما السورية من هيمنة البطل الواحد من جرأة مخرج مسلسل «باب الحارة» بسام الملا على استبعاد الممثل الكبير النجم عباس النوري الذي يلعب شخصية «أبو عصام» من الجزء الثالث من المسلسل، ليكون أول المشاهد المفاجئة في الجزء الثالث جنازة أبو عصام، فمثل هذه الجرأة يصعب أن يقدم عليها مخرج عربي آخر بسبب عقدة النجومية المطلقة التي تهيمن على المخرجين، فعباس النوري في مسلسل «باب الحارة» واحد من أبرز الوجوه التي تعلق بها الجمهور واحتفى بها، وقد يتوهم بعض هؤلاء أن جنازة «أبو عصام» ربما تكون جنازة للمسلسل بأكمله، وهذا ما لا أتوقعه على الإطلاق لأن المسلسل منذ البدء اعتمد البطولة الجماعية بديلا عن البطولة الفردية، حتى حينما غاب عن الجزء الثاني الممثل الكبير بسام كوسا «الادعشري» حافظ المسلسل على تألقه وتشويقه، ولن يؤثر على المسلسل في جزئه الثالث غياب الممثل عباس النوري «أبو عصام» والممثل معن عبد المنعم «سطيف» لنفس السبب الذي ذكرته، وهو اعتماد المخرج بطولة الفريق كبديل عن البطولة الفردية.

الدراما السورية اليوم هي فرس الرهان للقنوات الفضائية، وهي الأمل في تقديم دراما عربية أقرب إلى ملامسة سيكولوجية المشاهد العربي، والتوافق مع مزاجه السائد، فلقد استطاعت أن تكسر عددا من الثوابت الوهمية التي تورطت فيها الكثير من الأعمال الدرامية العربية باحتشامها والتزاماتها الأخلاقية بعيدا عن التهريج ومواقف العشق المصطنعة التي يحشى بها الكثير من الأعمال الدرامية تكلفا..

وباختصار يمكن القول: إنه رغم الازدحام الفضائي بالكثير من الأعمال الدرامية فإن الأعمال السورية تشكل اليوم علامة مميزة، بل واجهة فنية حضارية تقدم الشخصية العربية بملامحها الأصيلة بعيدا عن التغريب و«الفرنجة».

[email protected]