مصنع شديد الإنتاج

TT

دخل الكسندر دوما الذاكرة العالمية من روايات عديدة عن التاريخ الفرنسي اشهرها «الفرسان الثلاثة» و«مغامرات الكونت دو مونت كريستو». وفي النصف الاخير من القرن الماضي نقلت هوليوود الى انحاء العالم من قصص دوما (الأب) ما لم تنقله الروايات المكتوبة. وفي عام 2002 نقل رفات الرجل الى «البانتيون» (مدفن الخالدين) في باريس في احتفال رعاه جاك شيراك وشارك فيه مائة فنان يرتدون ثياب ابطال دوما المتعددين.

كان دوما ابن جنرال في الجيش الفرنسي و«عبدة» من تاهيتي. وقد انتقد شيراك الظلم الذي لحق بالمؤلف «الهجين»، وانتقد الذين اتهموه بالسرقة والاقتباس و«التعاون» مع كتاب اخفى اسماءهم. وصدرت اخيرا ترجمة لروايته «جورج» الى الانكليزية، تدافع عن «الملونين» وتحمل على العبودية، وهي العمل الادبي الوحيد الذي تحدث فيه دوما عن ظلامته الشخصية. لكن مقدمة الترجمة تخبرنا بأن الرجل لم يكن «بريئا» بقدر ما اراده شيراك. فقد وضع بين 1843 و1846 نحو 43000 صفحة، منها الاجزاء الثمانية لرواية «الفرسان الثلاثة»، اي حوالى 550 كلمة في اليوم.

خلال 26 عاما اصدر دوما 90 رواية و70 مسرحية وعددا من القصص القصيرة والمذكرات والقصائد والمقالات الصحافية و«قاموس المطبخ الكبير» وانشأ صحيفتين، مع انه فقد عام 1858 «معاونه» الاول اوغست ماكيه، الذي اقام عليه دعوى قضائية عام 1858 لأنه لم يدفع الاتعاب والحقوق. وكان دوما يصرف كل ما يكسب. وعندما بلغ السابعة والستين كتب: «طوال السنوات الخمس عشرة الماضية وضعت ما لا يقل عن ثلاثة مجلدات في الشهر. لقد بدأت مخيلتي تنضب ورأسي يتعب وانا مدمر ماليا تماما. لكن لست مدينا». وبين المؤلفين الاكثر ترجمة في العالم يحتل دوما المرتبة الثامنة عشرة، ما بين البابا يوحنا بولس الثاني وارثر كونان دويل، مؤلف شرلوك هولمز. ويبدو ان احدا لم يعد يلتفت الى التهم التي رافقته في حياته. اذ بعد عامين من صدور الطبعة الاولى من روايته «جورج» اصدر كاتب «مسخَّر» يدعى اوجين دو ميركور بيانا حول «مصنع دوما للكتابة» بعنوان «فبركة الروايات: دار الكسندر دوما وشركاه». واتهم دوما بالسرقة، ومنها اشهر مسرحياته، «هنري الثالث»، المنقولة جزئيا عن «دون كارلوس» لفريدريك شيللر. وقال ميركور ان دوما اشبه بصاحب مصنع «يقبل من الطلبات اكثر مما يستطيع ان يلبي. واصحاب الصحف يعرفون ذلك لكن الامر لا يهمهم كثيرا ما دامت اعماله تساعد على الانتشار».