موسكو وواشنطن.. وإشكالية الدفاع الصاروخي

TT

أعلن الرئيس بوش قبل ست سنوات، ان انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ الباليستية المضادة المبرمة عام 1972، ونية الولايات المتحدة لنشر دفاعات ضد الأخطار النائية من دول مثل كوريا الشمالية وإيران.

وعلى العكس من التوقعات، لم تحدث نهاية العالم.

موسكو من جانبها أعلنت على لسان الرئيس فلاديمير بوتين عدم موافقتها على قرار واشنطن، إلا ان موسكو أكدت ان الدفاعات الاميركية، لم تشكل خطرا عليها وأن روسيا ستخفض بصورة كبيرة قواتها الهجومية الاستراتيجية، الأمر الذي نسف سيناريوهات اولئك الذين تحدثوا عن اندلاع سباق تسلح كنتيجة لإلغاء معاهدة الصواريخ الباليستية المضادة.

موقف كل من روسيا والولايات المتحدة متعارض تماما فيما يتعلق بنشر عشرة نظم اعتراض صاروخية ونظام رادار في اوروبا. وأوضح بوش وفريق الأمن القومي الاميركي بالتفاصيل هذا الموقف بالتفصيل لمسؤولي الأمن القومي الروسي. واعترضت موسكو من جانبها بالإشارة الى الخطر الذي يتهدد نظام الردع الخاص بها، فضلا عن خطر نشر قوات اميركية بالقرب من حدودها، كما انها نفت وجود خطر صواريخ ايرانية.

موقف روسيا يعكس موقفها الحالي كطرف أساسي في الساحة العالمية بفضل ازدياد عائداتها من صادرات الطاقة. ويمكن القول إن موسكو تتلهف الى استعادة وضعها السابق وتعتقد ان الطريق الى النجاح يتطلب تصوير الولايات المتحدة كخطر.

وبتصميم مماثل سعت ادارة بوش الى تغيير وجهات النظر الروسية. فخلال خمس سنوات قدمت واشنطن الاقتراح تلو الاقتراح للعمل مع الجيش والصناعة الروسية حول الدفاع الصاروخي وقد انشغلنا كلانا بهذه المبادرات في اطار نشاط تعاوني متواضع مثل تنشيط مركز الانذار المبكر المشترك، ومشاريع يمكن أن تكون اكثر تحديا من الناحيتين التقنية والسياسية. وفي كل مرة يجري تغيير مسار التعاون أو رفضه.

ومن دون أن يحبطها افتقار موسكو الى الاهتمام، اقترحت واشنطن في الفترة الأخيرة السعي للتوصل الى اتفاقية حول معايير تحديد نشوء الخطر الصاروخي الايراني، وهي معايير تحتاج الى تلبيتها قبل أن تبدأ الولايات المتحدة التعاون في ما يتعلق بإنشاء مركز تنصت في أوروبا. ولكن حتى الرئيس السابق للقوات الصاروخية الاستراتيجية الروسية تكهن، وهو يشير الى قدرات اطلاق «العربات الفضائية» الايرانية مؤخرا بأن ايران يحتمل أن تمتلك «صواريخ بالستية يتراوح مداها بين 3500 الى 4000 كيلومتر أو حتى أكثر من ذلك» خلال السنوات القليلة المقبلة. وذكرت تقارير أن واشنطن عرضت على روسيا امكانية الوصول الى مواقع في الولايات المتحدة، والوصول الى تسهيلاتنا الدفاعية الصاروخية في أوروبا بشرط وجود اتفاقية مع الحكومات المضيفة. وكانت النتيجة ارباك حلفائنا، وبينهم بولندا وجمهورية التشيك، وتشير الى افتقار الى التصميم على الدفاع ازاء الخطر الايراني.

وبدلا من اقناع موسكو بالقيام بشيء لا تعتبره جزءا من مصالحها، يجب على واشنطن مضاعفة جهودها لتشجيع المبادرتين المدعومتين من بوش وبوتين، وتحظى بدعم كبير في البلدين. ان المبادرة العالمية لمواجهة الارهاب النووي، التي كانت تحظى قبل اقل من عام بدعم 13 شريكا، تحظى الآن بدعم من 60. وكانت روسيا شريكا جيدا لأنها قلقة من مثل هذا التهديد. وبالمثل، بذلت موسكو جهدا كبيرا للتوصل لمنطلقات جديدة لتوسيع استخدام الطاقة النووية بطريقة تحقق الاهداف البيئية وأهداف الطاقة وتخفض اخطار الانتشار. وهذه الجهود المشتركة ربما تقدم قاعدة لتحقيق تعاون في مجالات اخرى.

وفيما يتعلق بالدفاع الصاروخي، يجب على الولايات المتحدة التقدم للامام، مثلما فعلت روسيا عندما كانت مصالحها الحيوية معرضة للخطر. ويجب ان نستمر في الاحترام والوضوح بخصوص الحاجة الى نشر قواتنا، ولكننا يجب ان نوضح ان واشنطن ستتقدم بدون تعاون موسكو. ان الانطلاق لما هو يتعدى المقترحات الحالية للتعاون سيشجع روسيا على التصلب والعناد، وعلى العمل على نشر الفرقة بين واشنطن وحلفائها، وسيدعم سياسة الكرملين في المماطلة، على أمل أن الإدارة الأميركية القادمة ستتخلى عن جهودها في اوروبا.

* روبرت جوزيف عمل وكيلا لوزارة الخارجية، فيما عمل ج. د كراوش نائبا لمستشار الأمن القومي في إدارة بوش

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)