هزيمة الموت: الربعي يستأنف حياة أجمل!

TT

أخذت حياة أحمد الربعي أشكالا كثيرة في وعينا ولاوعينا، شكل الثائر، المتمرد، البطل، الشجاع، الصخرة الصلبة، النخلة المعطاءة، الغيمة المغيثة، المفكر، الفيلسوف، الشاعر، الواثق، الناسك، الزاهد، الدينامو، الصاخب، البسيط لحد الدروشة الذكي، اللماح، المثقف، البدوي، النهام، الحداق، الذي يستطيع أن يصادق كل أحد وأي أحد وأي شيء حتى أشجار الرصيف وأشواك الطريق....

فكراً أحمد الربعي كان نسراً في عرين في قمة جبل شاهقة...

روحاً أحمد الربعي غيمة تمطر حباً هنا ثم تسافر لتمطر فكراً وشوقاً هناك، غيمة زاخرة لا تتوقف عن العطاء أينما كان هناك جدب بالأفكار أو الشجاعة أو المواقف...

هناك على الضفة الأخرى من الحياة استقبلته آلاف الأرواح بشوق عارم أقامت له الاحتفالات، جلس على الأرض انتظارا لوصوله آلاف الأطفال وآلاف الأيائل وأسراب المفكرين والشعراء والفلاسفة والمناضلين والفقراء والمعذبين وكل من دافع عنهم وتبنى قضاياهم وحمل أفكارهم وهمومهم على كتفيه وطاف بهم دنيانا ومشى بها في طريق الحياة بقامة شامخة، هناك في مطار الحياة الأخرى استقبال مهيب شل حركة الوصول وسد الطرق وأعلنت حالة الطوارئ !

منذ أن غادر جسده الدنيوي صادق الربعي آلاف الأشخاص والأرواح والعقول والقلوب والأزهار وأسراب البلابل الملونة والفراشات، حاورهم وناقشهم وقرأ عليهم المتنبي... ثم أقام هناك مملكة للمحبة..

لن أستطيع أن أروي أحمد الربعي فلا الحبر يكفي ولا أشجار الغابات يمكنها أن تغطي عجز الورق...

ولن أستطيع أن افسر أحمد الربعي فهناك مؤتمر قومي عالمي يجب أن يجتمع ليحاول تفسير هذه الظاهرة الجميلة وهذا القوس قزح الذي زار هذا الكوكب ثم انصرف لمهمة جديدة ليشرق على كواكب أخرى...

أحمد الربعي عذراً، نحن لا نكتب لنرثيك فأنت هزمت الموت واستأنفت الحياة في كواكب أجمل من كوكبنا، نحن فقط نرثي أنفسنا لأننا سنفتقدك كثيراً، سامحنا على كل هذه الأنانية !

رويت لي أيها المعلم الأول في لقائنا الأخير جدارية محمود درويش وقلت لي:

يا موت انتظر

حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع

وصحّتي ، لتكون صيَّاداً شريفاً لا

يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع . فلتكنِ العلاقةُ

بيننا وُدّيَّةً وصريحةً : لَكَ أنَتَ

مالَكَ من حياتي حين أَملأُها ..

ولي منك التأمُّلُ في الكواكب :

لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً، تلك أَرواحٌ

تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها

تأمل يا أحمد الكواكب واستمتع بوقتك، تناول قهوتك مع أبي الطيب المتنبي وسلم على كل الأحباب على الضفة الأخرى من الحياة... ونعدك سنتفاءل.. الحياة جميلة..

لكننا يا أحمد مشتاقون !

* إعلامية كويتية

[email protected]