إدارة النفايات في عالمنا العربي .. وضرورة الوعي البيئي

TT

تحظى عملية إدارة وإعادة تدوير النفايات Recycling باهتمام كبير ومتزايد في الدول المتقدمة، حيث تعد من الصناعات المهمة ذات العائد الاقتصادي المجزي، بالإضافة الى دورها الرئيسي في المحافظة على البيئة. ولكننا اذا نظرنا الى إدارة النفايات في عالمنا العربي نجد أنها رغم الجهود المبذولة لا زالت محدودة ولا تشمل النفايات بأنواعها المختلفة، وتفتقر للأساليب العلمية الصحيحة والآمنة للتعامل مع النفايات، هذا مع غياب الوعي البيئي لدى مواطنينا، اذ تعتبر مشاركة أفراد المجتمع في ادارة النفايات ضرورة مهمة أيضاً.

وتعتبر إدارة النفايات من القضايا البيئية الجديرة بالاهتمام في عالمنا العربي، فمع النمو السريع والمتزايد في أعداد السكان وتحسن مستوى دخل الأفراد، وتزايد مشاريع التنمية الصناعية والأنشطة الاقتصادية في البلاد العربية، من تزايد في أعداد المؤسسات الصناعية ونمو سريع في حركة التجارة، الى غير ذلك، أدى كل هذا الى أنماط انتاجية واستهلاكية جديدة ومتزايدة، وظهور العديد من السلوكيات البيئية السلبية لبعض الأفراد، وقد أدى كل هذا بدوره الى انتاج كميات كبيرة من النفايات بمختلف أنواعها.

ومن أنواع النفايات التي يجب أن تحظى بالأهمية في عالمنا العربي مشكلة النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها، حيث يمثل البلاستيك حجماً كبيراً من نفاياتنا المنزلية، بالإضافة الى مشكلة استخدام الأكياس البلاستيكية التي تتسبب في التلوث البيئي في العالم، فالنفايات البلاستيكية لها مشاكلها المتعددة والتي منها صعوبة تحللها والتي قد تصل لآلاف السنين، بالإضافة لخطورتها على الحياة البرية والبحرية، كما أن تصنيع البلاستيك يستهلك كميات كبيرة من الطاقة والموارد الطبيعية، لهذا فهناك ضرورة لتشجيع المصانع التي تستخدم البلاستيك لاستبداله بأنواع قابلة لإعادة التدوير، أو تأسيس شركات لتدوير البلاستيك على غرار الشركات التي تشتري مخلفات المعادن بأنواعها وتقوم بتدويرها.

لقد أصبحت هناك ضرورة ملحة لبرامج تربوية وإعلامية متميزة لرفع مستوى الوعي البيئي لدى مواطنينا، وجمع وتدوير النفايات بالأساليب العلمية الصحيحة، والتي سيكون لها أبلغ الأثر في تقليل معدل انتاج الفرد من النفايات، وبخاصة تقليل حجم النفايات المنزلية، اذ يعد تقديم ارشادات للجمهور بخصوص كيفية فرز النفايات لتسهيل وصولها لمراكز إعادة التصنيع، ضرورة مهمة، فيمكن على سبيل المثال توفير حاويات ضخمة بألوان وعلامات مختلفة ومميزة في الطرق والأماكن العامة، تشير لأنواع النفايات المختلفة التي يمكن إعادة تدويرها، مع تزويد الأفراد بأكياس بألوان مختلفة مطابقة لألوان حاويات النفايات، لفرز النفايات المنزلية ووضعها في هذه الأكياس قبل وضعها في الحاويات المخصصة. ويمكن أيضاً وضع «لوحات الكترونية» ذات شاشات متغيرة تلقائياً في الطرق والأماكن العامة، تحمل عبارات ارشادية لتغيير السلوكيات البيئية السلبية للأفراد وللتقليل من حجم النفايات.

وخلاصة القول ان صناعة تدوير وإدارة النفايات أصبحت ضرورة مهمة في عالمنا العربي وبخاصة مع التحديات البيئية الحالية والمستقبلية وأهمها ظاهرة التغييرات المناخية والاحتباس الحراري، فقد أشارت الدراسات والتقارير البيئية الى أن الأنشطة والتصرفات البشرية من ضمن الأسباب المسؤولة عن هذه الظاهرة، فعلى سبيل المثال طمر النفايات المنزلية في مطامر ودفنها بالطين، يؤدي للتعفن وإنتاج غاز الميثان الذي يؤثر على ظاهرة الاحتباس الحراري، ولهذا تأتي أهمية التقليل من النفايات المنزلية، كما أن هناك ضرورة للتعرف على حجم مشكلة النفايات بأنواعها المختلفة في عالمنا العربي ومن ثم تطوير صناعة تدوير النفايات لتشمل النفايات بأنواعها المختلفة، وبخاصة النفايات البلاستيكية، مع الاستفادة من دراسات وتجارب الدول المتقدمة في التخلص من النفايات، وقبل كل هذا إعادة النظر في سلوكياتنا البيئية والاستهلاكية، مع ضرورة الاهتمام بالتربية البيئية والاستهلاكية والوعي البيئي والاستهلاكي لمواجهة مخاطر التصرفات البيئية السلبية في إدارة النفايات.

* كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية