اشتدي أزمة تنفرجي

TT

المسرح السياسي الكويتي مثير دائما، فيه حيوية وحرية نادرة الحضور في منطقتنا. ولذلك ثمن، حيث ارتفعت حرارته إلى درجة اضطرت الحكومة إلى الاستقالة مرة أخرى، حتى باتت الكويت تنافس الأردن في عدد الحكومات قصيرة العمر دائما.

وستكون القضية ملتهبة، لا ساخنة فقط، لو صدر قرار أميري بحل مجلس الأمة، فتصبح البلاد بلا حكومة أو برلمان. ورغم سخونة الوضع لا أحد يتوقع انفراجا عظيما في الأزمة المستمرة منذ سنوات حتى بإعلان حكومة ومجلس منتخب جديدين، لأن المشكلة في النظام لا في الأشخاص. فالنظام البرلماني الكويتي بكل مزاياه الجيدة من شفافية سياسية، ومساءلة حقيقية للأداء الحكومي، عطل عمل الأجهزة التنفيذية نظرا لأن هيكل الدولة بسلطتيه جعل الحكومة عاجزة والبرلمان رقابة كلامية.

النظام البرلماني الكويتي ديموقراطي بالفعل. قبل سنتين قررت الدولة العاجزة عن تمرير قوانينها ومشاريعها لإعادة رسم الدوائر الانتخابية لخلق برلماني متوازن، لكن عددا من البرلمانيين تحدوا الفكرة. لذا حُل مجلس الأمة ودعي إلى انتخابات جديدة وظنت السلطات العليا أنها ستحصل على برلمان مكمل ـ لا منافس ـ للحكومة يمرر مشروع الدوائر الأصغر. حتى أن أمير الكويت نفسه اشتكى علانية من وضع البرلمان بأنه «طغى التشكيك والتجريح وتسجيل المواقف فيه على تحكيم العقل والمنطق مما أضحى يشوه صورة الديموقراطية الكويتية». وكانت المفاجأة أن المعارضة، التي رفعت اللون البرتقالي، نجحت رغما عن النظام، وبروح رياضية استسلم النظام السياسي للنظام البرلماني القديم. وكما هو متوقع عادت الاشتباكات لأن العلة في هيكل النظام.

في الكويت الانتخاب مسموح لكن الأحزاب ممنوعة. ومسموح للبرلماني ان يستجوب أي وزير، لكن الوزير لا يعطى فترة كافية لتنفيذ سياسات حكومته، وهكذا. الحكومة لا تمثل حزبا أو أغلبية في البرلمان يسهل طرح الثقة فيها أو في أحد وزرائها، ومن ثم إسقاطها.

يفترض في الحكومة إما ان تعكس نتيجة الانتخابات البرلمانية فتمثل الأغلبية الفائزة، أو تمثل النظام السياسي كما في الأردن أو المغرب، أي أن تكون صناعة الباب العالي بصلاحيات واضحة، وفترة محددة.

لهذا ستستمر الكويت رهينة حالة الباب الدوار، يدخل ويخرج منه وزراء، وتشكل حكومات، ويحل البرلمان، من دون أي تغيير عملي على الأرض. وهذا يلغي الهدف الأساسي لكل العملية السياسية، أي التطوير والإصلاح وتلبية توقعات المواطن، الناخب الكويتي.

سيجد المشرع الكويتي في آخر المطاف، أنه لا بد من تصحيح الوضع، أو لنقل تطويره، بحيث تمنح الحكومة صلاحيات لفترة رئاسية كاملة، ويحمي القانون وزرائها، ويترك للبرلمان حق المصادقة على الحكومة مرة واحدة، في البداية، وليس كل مرة، مع استمرار حق المساءلة حيال المخالفات الحكومية.

هذا خيار، وهناك نماذج مجربة أخرى، كلها متاحة للمشرع الكويتي له ان يستنسخ ما يراه ملائما. فلا يعقل أن تبقى البلاد معطلة بسبب التنازع المستمر بين السلطتين أو بين أطراف فيهما.

[email protected]