المستهلك والركود الاقتصادي

TT

في ظل كل الأحاديث حول الركود الاقتصادي من المحتمل ان يمتنع المستهلكون عن شراء غسالة أطباق، على سبيل المثال، بسبب «الوضع الاقتصادي السيئ»، ومن المحتمل أيضا ان يتجنبوا الأكل في المطاعم الأكثر تكلفة لأنهم يشعرون انهم في حالة ركود اقتصادي. بدون أي نقاش حول الركود لن نتمكن من تغيير نمط سلوكنا. إلا ان الحديث حوله من المحتمل ان يكون قوة تؤثر في قراراتنا وتغير عاداتنا الاستهلاكية.

ما الذي يجعلني أعتقد أننا مخلوقات خاضعة للعادات؟ لننظر إلى هذه التجربة: ماذا إذا سألتك عن آخر رقمين للضمان الاجتماعي (آخر رقمين بالنسبة لي 79)، ثم أسألك ما إذا ستدفع هذا الرقم بالدولارات (بالنسبة لي سيكون المبلغ 79 دولارا) لزجاجة كوت دو رون. هل سيؤثر اقتراح الرقم هذا على ما ستنفقه؟ يبدو الأمر غير معقول، أليس كذلك؟ هذا ما حدث لمجموعة من طلاب ماجستير إدارة الأعمال في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا قبل بضع سنوات.

لتطبيق نظرية تذّكر رقم الضمان الاجتماعي أجرى درازين بريليك، الاستاذ في مدرسة سلوان للإدارة بمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا. طلب بريليك من طلابه كتابة آخر رقم في الرقم الشخصي للضمان الاجتماعي في صورة سعر. بمعنى آخر، إذا كان آخر رقمين 23 يجب ان يكتب الطالب 23 دولارا. وبعد ان انتهوا طلب منهم ان يكتبوا في ورقة ما إذا سيدفعون هذا المبلغ لكل سلعة أو منتج.

عندما فرغ الطلاب تماما طلب منهم بريليك ان يكتبوا الحد الأقصى الذي يستطيعون دفعه لكل منتج أو سلعة. عندما سألت الطلاب عما إذا كانت كتابة آخر رقمين للضمان الاجتماعي قد أثر على التقدير النهائي لكل منهم بشأن ما يستطيعون إنفاقه على أي سلعة أو منتج أجابوا بالنفي.

انتهى الطلاب الذين لديهم أرقام الضمان الاجتماعي في العروض الموضوعة في الـ20 % الأعلى التي هي 216 إلى 346 % أعلى من أولئك الطلاب الذين لديهم أرقام ضمان اجتماعي تنتهي في الـ20 % الأدنى.

وفي الوقت الحالي فانه إذا كان الرقمان الأخيران من رقم ضمانك الاجتماعي رقما عاليا، فإنني أعرف ما الذي يجب ان تفكر به: «كنت أدفع كثيرا على كل شيء طيلة حياتي». غير أن المسألة ليست هكذا. فأرقام الضمان الاجتماعي هي الأساس في هذه التجربة فقط لأننا طلبناها. وكان بوسعنا أن نطلب درجة الحرارة الحالية أو رقم الحذاء الذي ترتديه. وكل سؤال يمكن في الواقع ان يخلق الأساس.

هل يبدو ذلك منطقيا؟ بالطبع كلا. ولكن عندما نتخذ قرارا معينا، حتى إذا كان بشأن رقم تعسفي، فإننا نأتي بهذا التاريخ إلى قراراتنا المستقبلية، ونواصل اتخاذ القرارات ذاتها مرة تلو أخرى بدون العودة والتساؤل عن الحكمة من وراء ذلك.

وهذا يشير إلى أنه إذا ما تجاهلنا الحديث حول الركود فإننا يمكن أن نكرر طريقتنا الماضية ولا نبتعد كثيرا عن نماذجنا في قرارات الشراء ما قبل الركود.

* أستاذ أخصائي في سلوك المستهلك في كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»