الجنّي اللعّوب

TT

بينما كنت طفشاناً وقرفاناً، ولا شيء عندي اعمله أو حتى أفكر فيه، انطرحت على الكنبة (نصف انسداحة)، وأخذت ألعب بأقدامي في الهواء، ثم أمسكت (بالريموت كنترول) ووجهته ناحية التلفزيون، وضغطت على الأزرار، ورحت اقلب المحطات على غير هدى ولا اشتياق، غير أنني توقفت برهة وركزت (غصب عني) على إحدى المحطات، حيث أن ملامح وانفعالات وجه رجل يملأ الشاشة، جعلتني ارفع الصوت لأستطلع عن خطب وغضب هذا الإنسان المتوتر.

وإذا به رجل دين ـ أو هكذا يفترض ـ، كان يجيب عن اسئلة متعددة تصله من المشاهدين، وقال له احدهم: انه يتعايش مع (الجن) ويتحمل أذيتهم، ويقوم بتصويرهم، وزعم انه يعشق جنية.

فسأله الشيخ بفضول واضح: ما شكل هذه الجنية؟!

ـ حلوة.

ـ تقصد (مزيونة) ـ جميلة يعني ـ ؟!

ـ نعم إنها يا شيخ (تهبل) وتأخذ العقل، وقد كرهت زوجتي بسببها وأفكر جدياً بطلاقها.

ـ لا حول ولا قوة إلاّ بالله، امسك عليك زوجتك.

ـ يا شيخ أحسن الله إليك، ما اقدر، لقد طفح بي الكيل، لقد بلغ السيل الزبى.

ـ اسمع، اسمع هداك الله، إنني اقدر موقفك وافهم حالتك، ووضعك أفضل من وضع رجل اعرفه وقد عشق والعياذ بالله جنيّة (يهودية)، وبالمناسبة ما هي ديانة جنيتك؟!

ـ إنها مسلمة، مسلمة يا شيخ.

ـ حتى لو كان هذا، فإنه مخالف للفطرة، فأنت لا تستطيع أن تتزوجها.

ـ لماذا يا شيخ ؟!

ـ لأنك لا تستطيع أن تأتي منها بذرية، وإنني أسألك فرضاً لو انك جامعت أنثى الحيوان هل تأتي هي منك بنسل؟!

ـ أعوذ بالله، لا طبعاً.

ـ وهكذا هن إناث الجان، وقد قال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها»، صحيح يا أخي إن عالم الجن كعالمنا تماماً، فهم يعيشون على الأرض ويتناكحون ويتناسلون ويتزاوجون ولديهم قبائل وعشائر ولديهم محاكم وعلماء وأمراء وخدم وحشم وعمال ومزارعون وكل شيء، ولكن زواج الإنس بجنية أو العكس، هذا زواج غير طبيعي وباطل.

اللقاء كان طويلاً، ولا أريد أن (أمخول) عقولكم أكثر مما مخولت، ولكن لفت نظري أن الشيخ حفظه الله قد أكد أن الجن يتشكلون أمامنا بهيئة بشر وحيوانات أحياناً.

ومن بعد مشاهدتي لذلك البرنامج، أصبحت لا أقابل إنساناً لأول مرة ـ سواء كان رجلاً أم امرأة ـ إلاّ افحصه فحصاً جيداً، وأوجه له نظرات الشك والريبة، فسبحان الله قد يكون جنيّاً، أو تكون هي جنيّة وتدخل بي فجأة وأنا لا ادري ؟!

هل تصدقون إنني بدأت اشك حتى بنفسي: وهل أنا يا ترى انسي أم جنّي أم بين بين؟!، أما لو أنني كنت جنيّاً (بحق وحقيقي)، فلا شك إنني سوف أكون جنيّاً لعوباً، هوايتي هي رياضة (الباسكت بول).

[email protected]