ولم يعد عندي أمل

TT

للمرة المائة واستعدادا لفصل الصيف قررت أن أتعلم السباحة. فإنني أخجل من الأطفال الصغار الذين يتحركون بمنتهى الخفة والرشاقة على سطح الماء وتحت الماء.

وكان أساتذتي من كبار السباحين: أبو هيف بطل أبطال العالم ووحيد القرن العشرين، والمدرب عبد الباقي حسنين، وعشرات من الأصدقاء. فتاريخي في دراسة السباحة والصبر عليها طويل وكئيب، يبدأ من فشل لينتهي بفشل آخر. وأنا في دهشة: كيف أنني ضد كل قوانين الطفو. كيف كتمثال من الحجر لا أكاد ألمس الماء حتى أجدني عند القاع برغم الصيحات على جانبي حمام السباحة بأن أترك نفسي وأن أنشر ذراعي وأستسلم من دون مجهود كبير. والنتيجة واحدة. هم يفشلون في تعليمي وأنا أيضا.

ورأيت البط والإوز والكلاب، كلها تسبح بسهولة جدا. والمطلوب أن أقلدها.

ولكن رسخ في دماغي ما قاله فيلسوفنا ابن سينا الذي يخاف أن يركب البحر مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي يخاف من الباخرة ويخاف من الطائرة. ويظل يتلو القرآن ليلا ونهارا حتى يصل إلى البر. وأذكر أننا كنا في طريقنا إلى دمشق لحضور مؤتمر للأدباء. وكنا نتحرك في الطائرة ونجلس هنا.. أو نقف هناك. وكان لا يكاد يرانا حتى يصرخ لأنه يخشى أن تميل بنا الطائرة وتقع.

قال فيلسوفنا ابن سينا:

لا أركب البحر أخشى عليّ من المعاطب

أنا طين وهو ماء والطين في الماء ذائب

ولي قريب ضابط في الجيش أهداني أحد المدربين.. وقال لي: إنه الوحيد الذي يستطيع أن يعلمك.. وهو الذي علم الرئيس السادات وقبله الرئيس عبد الناصر وفريد الأطرش ويوسف وهبي!

وبدأت أحرك الذراعين والساقين. وأبدى ارتياحه. وطلب مني أن ألقي بنفسي في الماء وقد أمسكت لوحا خشبيا. وقال لي: أترك نفسك..

وتركت اللوح الخشبي ونزلت إلى القاع وبقي اللوح طافيا. عندها سمعته يقول: يا سعادة البيه مفيش فيك أمل!