سلامات أيها الكتاب

TT

لنا أصدقاء «مثقفون جدا» ألفوا أن يشدوا رحال «ثقافتهم» أكثر من مرة في العام بحثا عن الكتاب، فهم يلاحقون معارضه ولو في الصين، يذهبون ثقالا ويعودون خفافا!!.. وإن كان المفترض أن يحدث العكس، ولكنها غرابة «المثقفين»، إذ يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم.

واحد من هؤلاء عاد بعد رحلة أسبوع لمعرض الكتاب في الخارج، وهو يحمل معه سبعة كتب، خمسة منها موجودة على أرفف المكتبات المحلية، واثنان لا يستحقان السفر من أجلهما. وبقسمة تكاليف سفر صديقنا التي تشمل: أسعار التذكرة والفندق والمواصلات والمعيشة في تلك العاصمة العربية على الكتابين اللذين أحضرهما من هناك، يصل كلفة سعر الكتاب الواحد إلى خانة آلاف الريالات!!

ولو قال لنا أصدقاؤنا هؤلاء إنهم يذهبون للسياحة لما أنكرنا عليهم ذلك، فكلنا «سائحون جدا»، أما أن يسمعونا نفس «الأسطوانة» التي يسمعونها لزوجاتهم بأنهم يسافرون من أجل معرض الكتاب، فذلك يجعلنا نبتسم في وجوههم ونقول: «سلامات أيها الكتاب»!

وقد سألت أحد هؤلاء الأصدقاء إن كان قد زار معرض الكتاب المقام في الرياض، فأجابني بأنه لم يزره، وأنا أعذره في ذلك، فالطريق إلى معرض الكتاب في الداخل سهلة، وأصدقائي هؤلاء قد ألفوا الوصول إلى الكتاب عبر رأس «الرجاء الصالح»، فالحصول السهل على الكتاب يلغي بهجة امتلاكه!!

أليس كذلك «أو كدالك» أيها الأصدقاء؟!

ولا أتذكر الآن عدد فوائد السفر هل هي خمس أو سبع، ولكن لا بد أن تكون فوائد السفر إلى معارض الكتاب تتجاوز هذا الرقم كثيرا، وإن كنا نتمنى من أولئك الأصدقاء أن يعُدوها لنا، فلعلنا نصيب بعض ما هم فيه، فنقف معهم على أسرار نهر الثقافة، ونروي ظمأ جهلنا بغدق مائه.

ونحن لا نسألكم أن تكفوا عن الرحيل، ولكن نسألكم اللطف بنا، فمن غير المعقول أن تتحملوا هموم الثقافة، ووعثاء السفر وحدكم، ونحن هنا ـ نأكلها على البارد ـ نزاحمكم ظلما وبهتانا بادعاء الثقافة.. فمن العدل أن يكون مكانكم بيننا مميزا، ومقامكم محفوظا، فليس الذي تعب ورأى الثقافة مثل الذي قعد وسمع عنها.. فهنيئا لكم ما كسبتم، ولا عزاء لأمثالنا من الكسالى الذين لا يذهبون إلى معارض الكتاب، ولكن ينتظرون وصوله إليهم.

[email protected]