المشاريع الاجتماعية بين فاعلي الخير والمستثمرين

TT

أساليب الطيبة تتغير كما هو حال الأساليب في أي شيء آخر. وفي هذه الأيام تبنى أكثر الناس سموا أخلاق عالم البزنس على الرغم من أنهم لا يسعون إلى الربح. وهم يسمون أنفسهم «المقاولين الاجتماعيين»، ويمكنك أن تجدهم في الأماكن الأكثر عوزا وحاجة على الأرض.

والناس الذين يناسبون هذه الفئة يميلون إلى امتلاك الكثير من الاستعداد العالي. وقد ذهب بيل درايتون، عراب هذه الحركة، إلى هارفارد وييل وأوكسفورد وماكنسي قبل أن يؤسس «أشوكا»، وهي شبكة تغيير عالمية. وأولئك الذين يتبعونه ذهبوا إلى نوع من مدرسة خيالية وقاموا بواجبات مع مؤسسات غير ربحية مثل «تعلموا من أجل أميركا» أو «أميركوربس» قبل التخرج في المدرسة. ثم عملوا مع شركة برامج إلكترونية قبل أن يقرروا استخدام ما تعلموه في البزنس لمساعدة الأقل حظا.

وهم الآن يعملون لمدة 80 ساعة في الأسبوع من أجل إقامة برامج مراقبة للأمهات الوحيدات. وكان جيل سابق من المستفيدين يعتقدون ان الخدمة الاجتماعية ينبغي ان تكون مثل القداسة أو الاشتراكية، ولكن هذه تعتقد أنها ينبغي ان تكون مثل مشروع استثماري.

ويرتدي فاعلو الخير الحديثون هؤلاء مثل أصحاب المشاريع الاستثمارية. ويتحدثون مثلهم، بل إنهم يفكرون مثلهم. وهم لا يطيلون شعرهم ولا يضعون الوشم على أجسادهم. ولا يكرسون أية طاقة للأسلوب الشخصي الثقافي المضاد، ما لم تعتبر اللطف المبالغ فيه تعبيرا عن أسلوب هدام. والى جانبهم يبدو باراك أوباما مثل أبي هوفمان.

كما يعني الأمر أنهم المهتمون بالعمل من أجل كبار المسؤولين الحكوميين. وهم ليسوا خصوما لتلك الوكالات التي نشأت عن البرامج المسماة «الصفقة الجديدة» التي ظهرت في ثلاثينات القرن الماضي لتعزيز الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، أو المسماة «المجتمع العظيم» الذي طرحه الرئيس ليندون جونسون أواسط ستينات القرن الماضي. إنها غير ملهمة بالنسبة لهم.

وقد أسس جي بي شارمان مؤسسة «كوليدج سومت» لمساعدة الطلاب عبر تزويدهم بالتوجيهات العملية خلال عملية الالتحاق بالكليات. وأسس جيرالد شيرتابيان، وهو مقاول برامج إلكترونية سابق، مؤسسة «طيير أب» التي تساعد الطلاب ذوي الدخل المحدود على الحصول على فرص التدريب المهني في الشركات.

جاء بيل غيتس في الأسبوع الماضي إلى حفل عشاء مع عدد من الصحافيين في واشنطن، وبدا شديد الملل حينما تحول الحديث إلى الأقاويل المتعلقة بالانتخابات الرئاسية. لكنه حينما سئل حول أفضل البرامج التي تنتج أعلى نسبة في تعليم القراءة، انبثقت فيه حيوية كبيرة جعلته يقدم كماً هائلاً من الحقائق والكشوف.

لفاعلي الخير الأكبر سنا، هناك نموذج في وضع السياسات: الحكومة تشخص مشكلة ومن يقوم بتصميم برنامج حلها هم الأشخاص الأذكياء حقا. ثم يقوم قسم في بناية كبيرة بإدارته.

لكن فاعلي الخير الجدد امتصوا كل خيبات العقود الماضية. وهم أكثر ميلا للامركزيةإ إذ أنهم لا يؤمنون بقدرة الحكومة لوحدها أن تجدد في أي مجال. لذلك، فإن آلافا من المنظمات المختلفة تحاول أمورا جديدة. ثم تقوم بقياس ما أنجز والحكم عليه.

ومشكلتهم الآن متعلقة بالقدرة على توسيع البرنامج. كيف يستطيع أصحاب المشاريع الاجتماعية أن يستنسخوا برامج ناجحة بحيث تكون كبيرة بما فيه الكفاية لجعل التغيير ملموساً على مستوى الوطن؟

يريد الاتحاد المالي «أميركا إلى الأمام» الذي يضم هؤلاء الأشخاص من الحكومة أن ترسم السياسات المحلية بطريقة جديدة. إنه لا يريد من واشنطن أن توسع الخدمة على مستوى الوطن لإنتاج أصحاب مشاريع اجتماعية أكثر ثم تكوين شبكة شبه عامة من صناديق الاستثمار الاجتماعية. وستكون هذه الصناديق تحت إشراف محلي للاستثمار في البرامج الاجتماعية التي تحقق تحسناً نوعياً في مستوى حياة الأوساط الاجتماعية، ولن تشغل الحكومة برامج الضمان الاجتماعي لكنها ستقوم بالدرجة الأولى بتكوين هذه الشبكة شبه العامة والتي ستعرف باسم «وقفيات غيتس»، وهي ستختار الفائزين من خلال منافسة قوية.

هناك مخاطر من جعل الحكومة طرفا مع عمل أصحاب المشاريع هؤلاء. وعادة تتدخل الوكالات الحكومية التي تمقت المنافسات القوية والتحولات السريعة في السياسات. مع ذلك، فإن هذه الصناديق تستحق التجريب. حتى لو كنا لا نعرف كيف نخفف الفقرَ، فإن الأمر قد يستحق الاستثمارَ في هؤلاء الناس والسماح لهم كي يجدوا حلولا بأنفسهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»