5 سنوات من الفشل

TT

خمس سنوات مرت على الاحتلال الأمريكي للعراق، والمشهد البائس لا يزال مستمرا. والوضع المأساوي الذي كان عليه العراق إبان الحكم الديكتاتوري لصدام حسين وعصابته، هو الذي منح الذريعة والتبرير لجماعة المحافظين الجدد المحيطين بالرئيس الأمريكي بوش، أن يطلق حربا ظالمة مدعومة بحجج واهية ثبت بطلانها جميعها، كمبررات للغزو والحرب على العراق. العراق أشد تمزقا من ذي قبل، وأكثر طائفية من ذي قبل، وأكثر دموية من ذي قبل، وأكثر تفرقا من ذي قبل، وجماعة المحافظين الجدد، أدركت غرق سفينة الإدارة الحالية كـ«تايتانك» بعد اصطدامها بجبل الثلج في رحلتها الأولى، ورحلت عنها لتستقر في أطراف إدارة المرشح الرئاسي من الحزب الجمهوري السيناتور جون ماكين، لتعود لتروج حججها وأساطيرها الواهية. والوضع في العراق ازداد سوءا مع تخبط إداري بعد الحرب ولد سلسلة من القرارات الباهظة التكلفة.. قرارات تسببت في اختفاء البلايين من الدولارات من البنك المركزي، وحل الجيش وهو القوة المنظمة الوحيدة في البلاد، متسببا وبصورة مباشرة في تفاقم الوضع الأمني وازدياد مشاكله وأزماته، وكذلك كان الاتجاه غير البريء في تكريس الصيغة الطائفية والعرقية على تركيبة الخارطة السياسية على الوضع في العراق، بدلا من اعتماد الصيغة العلمانية التي لا تعترف بهكذا تقسيمات. لا شيء يبهج في العراق فالقصة حزينة، وأدلة المؤامرة التي قام بعملها أبطال جماعة المحافظين الجدد تملأ المكان. فريتشارد بيرل وبول وولفويتز ودوغلاس فايت وغيرهم، لا يزالون يدافعون عن قرار الحرب على العراق، ويعتبرونه نجاحا وانتصارا لا مثيل له سوى أن يقابل بتأييد من عناصر في الإعلام الأمريكي المحسوب على التيار اليميني المتشدد، مع بعض أعضاء الحزب الجمهوري، وشخص كجو ليبرمان وهو السيناتور المستقل الذي لفظه حزبه الديمقراطي، بعد خسارة مدوية في ولاية كينتكت ليعود «مستقلا»، ولكنه أشد تطرفا فيما يخص قضية فلسطين والحرب على العراق. يبدو أن الدرس العراقي لم يتم استيعابه، وأن الـ3500 أمريكي الذين قضوا وعشرات الآلاف ممن أصيبوا بعاهات وعلل نفسية وتشوهات جسدية، ليسوا بالأسباب ولا الأعداد الكافية للإيقاظ من الأوهام التي لا يزال يروج لها أن الحرب على العراق ناجحة، وأن أسبابها كانت سليمة.

الحرب على العراق ليست فقط قرارا خاطئا، ولكنها سقطة لنظام عرف بمناصرة الضعفاء، ورفع صوت حقوق العدل والإنسان كركائز في سياسته الداخلية والخارجية عبر الأزمان، وأي إدارة أمريكية لن يغفر لها التاريخ أبدا، إذا تم الاستمرار في هذا النهج.

خمس سنوات مضت على تمزيق بلد، وتدمير شعب، واستنزاف موارده، بدأها صدام حسين، ومهد لها وأتم المهام بنجاح من جهة أخرى جورج بوش، وعصابة المحافظين الجدد في إدارته.

[email protected]