الحاجة إلى حوار وطني حول العرق

TT

أصبت بالصدمة مرة واحدة خلال متابعتي لحديث باراك أوباما يوم الثلاثاء الماضي. لم أصب بالصدمة عندما طرح أسئلته: «ربما يسألون: لماذا أربط نفسي أصلا برجل الدين رايت؟ ولماذا لا أنتمي إلى كنيسة أخرى؟». السؤال المهم، بالطبع، لا يتعلق بالسبب وراء انتماء أوباما إلى الكنيسة المعنية، وإنما لماذا بقي عقدين من الزمن في كنيسة يتهم قسها الحكومة الأميركية بـ«اختراع فيروس مرض نقص المناعة المكتسب كوسيلة لإبادة غير البِيض»، فضلا عن قوله إن «أميركا حصدت ما زرعته»، في إشارة إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. إلا ان الخطباء عادة ما يوجهون إلى أنفسهم الأسئلة المناسبة وليس الأسئلة الصعبة. وباراك اوباما خطيب بارع.

لم أصب بالصدمة عندما قارن أوباما بين رايت، الذي كان يستخدم منبر الكنيسة لإشاعة الاستياء العرقي، بجدته، التي ربما تكون قد أدلت بأشياء خاصة جعلت أوباما ينكمش خائفا، أو بجيرالدين فيرارو، التي وصفها البعض بأنها تضمر تحيزا عميقا. مهما يكن من أمر، فإن الساسة في بعض الأحيان يخوضون في مقارنات سخيفة وغير منصفة بغرض إثبات نقطة ما. وباراك أوباما سياسي قدير. عندما تحدث أوباما، في معرض تناوله لمسألة رايت، عن الأميركيين السود لم يكن منصفا، خصوصا تجاه القساوسة الذين قاوموا إغراء اللجوء إلى أعضاء أبرشياتهم في المسلك الديماغوجي غير المسؤول للقس رايت. إلا ان أصحاب الطموح يسيئون في بعض الأحيان إلى أفضل الأفراد في جماعتهم. وباراك أوباما شخص طموح.

الجزء الوحيد الذي أصابني بالدهشة في حديث اوباما هو قوله: «المسألة العرقية قضية اعتقد ان الولايات المتحدة لا يمكن ان تتجاهلها في الوقت الراهن». فبمجرد سماعي لهذه الجملة، أدركت ما كان يجب ان نتحمله. أدركت انه سيكون هناك تزاحم وسط هيئات التحرير وكتاب الأعمدة والأكاديميين للكتابة حول عدم تجاهل المسألة العرقية. حوار وطني حول العرق! أخيرا!

الذاكرة قصيرة بالطبع، ففي عام 1997 أعلن الرئيس بيل كلينتون، وفي ظل ضجة كبيرة، انه يعتزم قيادة الشعب الاميركي الى حوار غير مسبوق حول المسألة العرقية. إلا ان ذلك الحوار لم يبلغ أي مكان. وآخر ما نحتاجه الآن هو حوار وطني ساخن حول الأصل العرقي. ما نحتاجه بدلا من ذلك هو نقاش عاقل يسعى للتوصل إلى حلول بخصوص الاقتصاد والحراك الاجتماعي والتعليم والسياسات الأسرية والى غير ذلك ـ يتركز بصفة خاصة حول كيف نساعد هؤلاء الذين يعانون. مثل هذه المناقشات يمكن أن تساعدنا للتوصل إلى تغييرات حقيقية ـ حتى ««التغيير الذي نؤمن به». ويميل الحوار الوطني إلى ان يصبح بلا هدف ولا نتيجة، أو أسوأ، لا سيما عندما يتعلق بالأصول العرقية. ففي عام 1969 كتب بات موينهان الذي كان يعمل في طاقم ريتشارد نيكسون في البيت الأبيض، مذكرة لنيكسون يشرح فيها ان «قضية الأصل العرقي يمكن ان تستفيد من «إهمال حميد». وقد أصبح الموضوع مثار حديث. ربما نحتاج الى فترة يستمر فيها التقدم الزنجي وينكمش فيها الجدل العرقي». وكان موينهان، الذي يرد على التصاعد السريع للخطاب العرقي من كل جانب، قد تعرض للتشهير عندما تم تسريب المذكرة عام 1970. ولكنه كان محقا آنذاك ووجهة نظره صحيحة الآن.

ان التقدم العرقي استمر في أميركا. ولن يؤدي الحوار الوطني حول الأصل العرقي، بالضرورة، إلى إنهاء ما يسميه أوباما بـ«الجمود العرقي الذي نعاني منه منذ سنوات» لأننا لم نحاصر في مثل هذا الجمود. وفي الواقع، كما أشار أوباما في نفس الخطاب، أن الشباب الأميركي ليس مجمدا ولا في مأزق. فقد اقتربوا أكثر من جدودهم وآبائهم من إطاعة مقولة مارتن لوثر كينغ بالحكم على بعضنا البعض من منطلق محتويات شخصيتنا، وليس لون جلدنا.

في العقود الأخيرة، قمنا بعمل جيد في التغلب على الحواجز والتحاملات العرقية. وتبقى بعض المشاكل. ولكن لن نحقق التقدم إذا ما كان علينا تحمل سلسلة من المحادثات العرقية ستساهم أكثر في تقسيمنا أكثر من توحيدنا. ولحسن الحظ أوباما ليس مهتما في الدخول في معمعة حوار وطني حول الأصل العرقي. فلقد تجنب الحديث عن العرق قبل الجدل الذي ثار حول رايت. وبالرغم من مضمون الخطاب الذي تعهد بحوار حول العرق لإرضاء المعلقين، فمن الواضح انه يرفض تماما الحديث حول هذا الموضوع من الآن فصاعدا.

هذا من أجل التوصل للأفضل. فمع احترامي لموضوع حوار وطني حول العرق، فتوصياتي هي: «دعونا من ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»