قمة الفرجة!

TT

عن جدارة كانت قمة دمشق العربية للفرجة، أي المشاهدة مجانا، مثلها مثل المشاهد المضحكة المبكية في عالمنا العربي. شاهدنا خطابات انطبق عليها قول الشاعر أحمد شوقي «خطبت فكنت خطبا لا خطيبا أضيفَ إلى مصائبنا العظام».

افتتح الرئيس السوري بشار الأسد القمة بكلمة احتوت على مغالطات كثيرة أهمها موضوع لبنان، حيث قال إن الضغوط تمارس منذ عام على سورية للتدخل في لبنان، وعجيب هذا الكلام، أوليس فاروق الشرع نائب الرئيس السوري هو الذي خرج في مؤتمر صحافي مستعرضا عضلات دمشق في بيروت؟

وتحدث الأسد عن عروبة العراق، ولا ندري أي عروبة هي التي يتحدث عنها، فالعراق بات تحت النفوذ الإيراني، وتصدير الثورة الايرانية في كل مكان في عالمنا العربي، والحليف الأبرز لطهران في العالم العربي هو سورية، ونظام بشار الأسد نفسه.

وهنا لا بد من تسجيل ما لفت نظري له أحد الحضور في قمة دمشق على الهاتف وهو خلو كلمة الرئيس الأسد من البسملة، على الرغم من أن سورية استعانت بمفتيها الذي توعد الزعماء العرب الذين لم يحضروا قمة دمشق بأن حضور القمة فرض عين، وويل لمن يتخلف عن القمة من دون عذر شرعي، فما رأي مولانا بهذه الخطبة البتراء، التي لم يفعلها بتاريخنا إلا الحجاج وزياد ابن أبيه!

بعد ذلك تفرجنا على خطبة الزعيم القذافي، وهذا الرجل وخطبه قصة أخرى، ومن أبرز ما جاء فيها قوله إن ثمانين في المائة من سكان الخليج العربي هم إيرانيون، وربما كان يقصد إيرانيي الهوى في العالم العربي، والشكر هنا بالطبع محفوظ للسوريين.

لكن للقذافي مقاصد أخرى بالحديث الايجابي عن إيران، فالعقيد يريد ضرب عصافير بخطاب. القذافي يريد طي صفحة موسى الصدر، مع إيران ولبنان، ومناكفة السعودية لمصلحة من يريد السيطرة على لبنان، أي السوريين.

واللافت لمن كان يتفرج على القمة أن كثيرا من الحاضرين في قمة دمشق كانوا يستمعون لكلمة القذافي وهم غارقون في الضحك، لكنهم لم يتنبهوا إلى أن القذافي كان يعني كل ما يقول. حديثه مضحك، لكن الرجل مقتنع بمنطقه، خصوصا عندما حذر من الوصول إلى نفس مصير صدام حسين وهو المشنقة.

أولم يسمح العقيد معمر القذافي للأميركيين بتفتيش حتى مزارع الدجاج، بعد أن تراجع عن فكرة البرنامج النووي، وسعى، بكل جهده، لطي صفحة الخلاف مع واشنطن، ومن يقرأ كتاب رئيس الاستخبارات الأميركية السابق جورج تينيت يعرف كيف أن الاميركيين أنفسهم كانوا متعجبين من حماس القذافي، وكل ذلك حدث بعد سقوط نظام صدام حسين مباشرة.

وبعد أن تفرجنا على قمة الفرجة وسمعنا المغالطات حول لبنان والقضايا العربية، والغمز واللمز بحق أهل الخليج، لا نملك إلا أن نقول لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الذي قال يوم أمس إن بلاده تأمل أنها أخطأت حين أصابت وعسى أن تخرج القمة بحلول لأزمة لبنان، إطمئن يا أمير، فبلادك أصابت يوم قررت خفض التمثيل، فلا يجوز أن نكون شهود زور، خصوصا بعد كل ما سمعناه في قمة الفرجة.

[email protected]