العراق.. وشهد شاهد من أهلها

TT

لم يرق للبعض ما كتبته في مقال (طعنة في «الصدر») حينما شبهت ما يحدث اليوم في العراق ضد مقتدى الصدر وجيش المهدي بمرحلة أفول قوات أمل وصعود حزب الله في لبنان، وأن «صولة الفرسان» لا يمكن أن تتم من دون موافقة طهران.

فكما يبدو أن إيران أرادت تفادي ما يواجهه حلفاؤها اليوم في لبنان. وبدلا من أن يكون حلفاؤها بالعراق معارضة فمن الأفضل أن يكونوا حكومة مسيطرة على غرار حكومة نوري المالكي.

وقبل يومين شهد شاهد من أهلها، كما يقال، حين صرح محمد علي حسيني المتحدث باسم الخارجية الإيرانية لصحيفتنا عن أحداث البصرة، قائلا إنها «شأن عراقي داخلي لا تريد طهران التدخل فيه». ونحن نعرف أن العراق كله شأن داخلي إيراني، مثلما أنه شأن داخلي أميركي.

حديث المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ليس كل شيء، فآية الله جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني قال في خطبة صلاة الجمعة الماضية في طهران «ننصح القوى الشعبية المسلحة في البصرة أن تتحاور مع الحكومة العراقية المنبثقة عن الشعب».

وهنا نرى الفرق، ففي حالة العراق يدعو آية الله جنتي إلى الاستماع للحكومة، بينما في لبنان تدعو إيران العالم إلى الاستماع للمعارضة، والسبب واضح، فالمعارضة في لبنان حليفة لطهران.

وفي حال كان ما سبق من تصريحات إيرانية لا يكفي كدليل على مباركة طهران للتخلص من مقتدى الصدر، فها هو مصدر إيراني يقول لصحيفتنا قبل أيام إن «الاستقرار والهدوء يأتيان عبر سيطرة الحكومة العراقية على الأوضاع. الاشتباكات من الداخل تضعف الحكومة العراقية، والإيرانيون لا يريدون هذا، لأن هذه التطورات تضعف المالكي، وبالتالي من الضروري دعم الحكومة العراقية»، مضيفا أن «سياسة مقتدى الصدر تضر القضية العراقية أكثر مما تنفعها».

ومن الواضح أننا أمام توافق أميركي ـ إيراني على مواجهة مقتدى الصدر، حيث هناك تلاقٍ في المصالح، من أبرز أسبابه الرغبة الأميركية في استقرار العراق، وبأي ثمن، وبالطبع قصور في فهم المنطقة، وقصور في فهم الفرق بين الصدر والمالكي. مقتدى الصدر، ورغم عيوبه، يظل عروبياً، بينما المالكي، ورغم ذكائه، يظل إيرانيَّ الهوى.

بالطبع؛ مصلحة إيران تكمن في بسط نفوذها على العراق من قبل حكومة مسيطرة، لا جماعة معارضة جل ما يمكن أن تفعله هو التعطيل. وعندما تتحقق السيطرة لطهران فحينها لا فرق في من تأتي به الانتخابات العراقية.

استتباب الأمن في العراق أمر مهم، لكن خطورة ما يحدث تكمن في أن الحكومة العراقية قررت استخدام السلاح ضد فرقة شيعية منافسة لها، قبل أن تشرع في المصالحة الوطنية بين العراقيين ككل. وهذا يعني أنه حال نجاح حكومة المالكي في كسر شوكة الصدر، فانها لن تحرص على فرض المصالحة، حينها سينطلق المالكي، ومن خلفه إيران، من منطق المنتصر، لا منطق من يريد تحقيق وحدة الصف العراقي. وقبل هذا وذاك، سنقول على عروبة العراق السلام.

[email protected]