واشنطن تساند جبهة الرفض

TT

عادت الوزيرة الاميركية كونداليزا رايس الى المنطقة للمرة الألف، مؤكدة بتكرار زياراتها خيبة الأمل الكبيرة من السلام المنشود. بددت حكومتها الاميركية سنتين بلا طائل. اطلقت حينها في شهر يوليو تصريحا تردد صداه في كل المنطقة، وذلك قبيل سفرها للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي، نفسه الحالي، ايهود اولمرت وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل ان يخسر غزة، ويصبح رئيسا على الضفة الغربية فقط.

لعب التباطؤ الاميركي، والرفض الاسرائيلي لتخفيف معاناة الناس العاديين في مدنهم وقراهم لصالح الاطراف الرافضة للسلام. زاد الغضب ونفد صبر الجميع.

ما قيمة الانخراط في مشروع السلام، من دون ان يرى الناس تحولات ايجابية على الارض؟

الذي حدث ان الاسرائيليين ابقوا على الحواجز التي تعرقل حركة الفلسطينيين على ارضهم، وتجزئ عوائلهم، وزاد الاستيطان عددا ومساحة، وتمددت الحفريات في المنطقة الخطرة من القدس، حيث توجد المقدسات الاسلامية. اما على خط التفاوض نفسه فلم يتقدم الطرفان شبرا واحدا الى الامام نحو نتائج مماثلة للمبادرة العربية، او على الاقل لاتفاق باراك كلينتون.

احد المسؤولين الفلسطينيين المنخرطين في المفاوضات قال نحن نذهب دائما لغرفة المفاوضات ونبيعهم وعودا، لكن هذا لا يطعم الناس الموالين للمفاوضين خبزا. فتقليل الحواجز، وانهاء التضييق الاسرائيلي، واطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين، جزرة ضرورية لمنطقة مغرقة في اليأس.

خلال سنتين قاسيتين انقسم العرب الى فريقين، فريق ينتظر الفرج وفريق شامت يحرض ضد السلام مستشهدا باستمرار اهانات الاسرائيليين وتعذيبهم للاهالي في الضفة وغزة المحتلتين.

لا أدري كيف يفهم الاميركيون معنى الانخراط في السلام؟ انه أغلى ثمنا من مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقية السلام. فالسلطة الفلسطينية خسرت ثلث أرضها، قطاع غزة، وتعرض رئيسها لمحاولة اغتيال، ووضعت أجهزتها الأمنية في حال استنفار مستمرة، خشية قيام مندسين بارتكاب عمليات انتحارية، ولا يدري أحد إن كان الفريق الحالي يستطيع النجاة حتى تنتهي المفاوضات، ويحين السلام بعد تسعة اشهر او عامين او ثلاثة. فترة الانتظار هي التي تستوجب الدعم والمساندة السياسية والاقتصادية وليس ما بعدها. العرب، والفلسطينيون تحديدا، اناس بحكم تاريخهم مسكونون بالشك واليأس، يحتاجون الى تطمينات كافية تدلل على جدية السلام الموعود. إن إصلاح احوالهم الأمنية والمعيشية على الأرض تساعدهم على الانتظار ودعم السلام. الذي حدث في عامين منذ أن اطلقت دعوة السلام الجديدة، استمرت اسرائيل تسيء معاملة الفلسطينيين، مع سكوت الجانب الاميركي على افعالها، فمنحت الدول والمنظمات الرافضة والمعادية الدليل على سوء خيار السلام. بسبب التلكؤ الاسرائيلي والامعان في اذلال الفلسطينيين على ارضهم، ولامبالاة الجانب الاميركي، ضعف معسكر السلام العربي في مواجهة المعسكر الرافض الاكثر شراسة. كما صار الرئيس الفلسطيني نفسه اقل مصداقية، وعاجزا عن تبرير ما يحدث من عرقلة وتعطيل وسجن مستمر لمواطنيه من قبل الاسرائيليين. فما لم تضع السيدة رايس قدمها بقوة وتفرض على الاسرائيليين تقديم تسهيلات حقيقية للفلسطينيين فانه من العبث تماما اضاعة الوقت وتدمير ما تبقى من احترام للنفس.

[email protected]