«فيزة» لعباس

TT

لم يوضح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي وجه دعوة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة غزة في ضيافة الحركة المسيطرة على القطاع، لإجراء حوار حول الخلافات، ما إذا كان ذلك سيشمل اصدار تأشيرة زيارة خاصة به أم لا.

ولا يعتقد ان الرئيس الفلسطيني سيقبل هذه الدعوة وبهذه الطريقة، وإلا لكان ينتقص بإرادته من شرعيته باعتباره رئيس السلطة المفترض ان مسؤوليتها تشمل الاراضي الفلسطينية الحالية وهي غزة والضفة الغربية، كما لا يعتقد ان تصريحات من هذا النوع التي يطلقها قادة حماس يمكن ان تسهم في رأب الصدع الفلسطيني الذي يؤثر على قوتهم التفاوضية، وعلى مشروع إقامة الدولة الذي تدخل أطراف عديدة سباقا من إجل محاولة التوصل الى اتفاق بشأنها قبل نهاية العام الحالي حسب ما التزمت الادارة الاميركية بعد مؤتمر انابوليس.

وقد حاولت اطراف عربية عديدة ان ترأب هذا الصدع منذ طرد السلطة من غزة وسيطرة حماس عليها فيما يشبه انقلابا عسكريا، ووقعت 3 اتفاقات بدءا من القاهرة الى مكة ثم اعلان صنعاء أخيرا، وقبل أن يجف حبر الاتفاق تكتشف هذه الاطراف أن الخلاف أعمق من النوايا الحسنة مثلما حدث في صنعاء قبل القمة العربية، فلم تمض دقائق على التوقيع حتى بدأ الخلاف في التفسير.

وليس هناك سبب للاعتقاد بأن حوارا في غزة بين عباس وقيادات حماس تحت السيطرة العسكرية للحركة يمكن ان يؤدي الى شيء سوى الاعتراف بواقع التقسيم على الارض للاراضي الفلسطينية، بينما عجزت حوارات في عواصم اخرى، كانت بمثابة اماكن محايدة، في الوصول الى شيء.

فجوهر المسألة هو توفر الإرادة والنوايا الصادقة والابتعاد عن التأثيرات الخارجية التي تجعل قضايا الفلسطينيين ورقة في صراعات اخرى أكبر، واذا توفرت هذه الإرادة سيصبح الحوار سهلا وقابلا للوصول الى نتائج عملية، ولا يهم المكان او الطريقة لأنه من غير المتصور ان الاطراف الفلسطينية التي يجمعها خندق واحد في النهاية لا تستطيع ان تجد طريقة للحديث وتبادل الرسائل وعرض المواقف والافكار بعيدا عن مجرد إطلاق التصريحات عبر منابر إعلامية لمجرد تسجيل مواقف او الاستفزاز الذي يفاقم الخلاف بدلا من أن يحله.

والمشكلة الحقيقية القائمة منذ ايام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واتفاق اوسلو هي وجود خطين سياسيين متباعدين، الأول تمثله السلطة الفلسطينية التي تحاول التفاوض والوصول الى حلم الدولة، والثاني تمثله حماس ومنظمات أخرى أصغر منها وترفض هذا المسار نهائيا ولا تعترف على الأرض بسيادة السلطة، وليس هناك حل إلا بالوصول الى رؤية واستراتيجية واحدة يكون فيها الفلسطينيون موحدين ويلتزمون بقرار واحد أيا تكن الاختلافات الداخلية بينهم.

السؤال الذي يجب ان تطرحه الفصائل الرافضة، وعلى رأسها حماس، هو هل هناك أي مصلحة للشعب الفلسطيني في الاشتراك بحمل معاول الهدم ضد السلطة الفلسطينية، أم ان وجودها أيا تكن الاختلافات من جانبهم مكسب يجب المحافظة عليه في مسيرة الشعب الفلسطيني وتطويره.. وهل القضية الفلسطينية وهي في مفرق مهم تتآكل فيه مساحة الارض تحتها وتتغير ديمغرافيتها تتحمل رفاهية أن تكون ورقة في صراعات اخرى.