استعان بي أحد الأصدقاء في حل مجموعة الأحاجي والألغاز تحت مسمى: المسابقة الثقافية الكبرى «كلنا مسؤولون»، التي انبثقت عن مشروع الشراكة التربوية بين إدارة التربية والتعليم للبنات، وأمانة محافظة جدة.. ولا أستطيع تخيل أن أسئلة هذه المسابقة، التي وصفت بالكبرى، من وضع تربويات أو حتى مسؤولين في الأمانة، فهي تحوي الكثير من الأخطاء المعلوماتية الأساسية، إضافة إلى سذاجة وسطحية بعض الأسئلة.. وإليكم نماذج من تلك المسابقة:
ـ يقال إن جدة سميت باسم شيخ قبيلة، ويعود نسبهم إلى الجد التاسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ما اسم هذه القبيلة والشيخ الذي سميت باسمه؟
ورغم مطالعتي في تاريخ هذه المدينة، فأنا لا أعرف أن بين الاجتهادات العلمية الراجحة لتفسير تسميتها، القول بأنها سميت باسم شيخ قبيلة، فما يروى عكس ذلك، وهو أن جدة بن جرم بن ربان من أبناء قضاعة ولدته أمه بجدة فسمته جدة، وهذا عكس ما يذهب إليه السؤال..
وسؤال آخر:
ـ من اكتشف أن جدة كانت عبارة عن قرية صغيرة جدا؟
وفي تقديري أن الذي وضع الأسئلة التقط السؤال من معلومة ذكرها أحد الرحالة أثناء مروره بجدة في مرحلة معينة، ولا ترتقي تلك المعلومة إلى مستوى الاكتشاف، فهي تتنافى مع ما ذكره مؤرخون أمثال البلخي، والبشاري، والاصطخري، الذين أجمعوا على وصف جدة حتى نهاية القرن الرابع الهجري بأنها مدينة كثيرة التجارة، حصينة، عامرة بأهلها..
سؤال ثالث:
ـ أصبح مديرا للجامعة عام 1392 بعد تحويل جامعة الملك سعود من جامعة حكومية إلى أهلية.. من هو؟
ولست أدري حتى اللحظة كيف تصنف جامعة الملك سعود بأنها جامعة أهلية..
ومن الأسئلة:
ـ ما اسم أشهر صيادي جدة قديما؟
ـ ما اسم أشهر ربابنة جدة قديما؟
ـ ما اسم صاحب أشهر سنارة صيد في جدة؟
فإن كان عدد الصيادين والربابنة في جدة القديمة بالعشرات أو المئات، فكيف يمكن تحديد «الأشهر» وسط زحمة الأسماء واختلاف القناعات؟!
ومن الأسئلة سؤال هذا نصه:
ـ في أي عام رست السفن في ميناء جدة؟
ويضع السائل خيارات الأعوام الهجرية التالية: 1760 ـ 1761 ـ 1762.
وكل الذي أنا على ثقة منه أن التاريخ الهجري لم يتجاوز حتى اللحظة العام 1429هـ، وحتى لو افترضنا أن التاريخ الميلادي هو المقصود، فلا معلومة تشير إلى أن تلك الأعوام أو أحدها كان علامة فارقة في تاريخ الميناء..
وأخيرا: إذا كانت هذه هي المسابقة الثقافية «الكبرى»، فما حال المسابقات «الصغرى»؟!