زئبق أحمر مصري.. نمرة 1

TT

لا يمكن للعقل أن يصدق ما انتشر من قصص حول الزئبق الأحمر المصري، إضافة إلى الإشاعات المنتشرة بين الناس بشكل لم يحدث من قبل، ولا أعرف سبب قيام بعض المرضى بإطلاق الإشاعات بالقول إن الزئبق المصري ليس له مثيل في أي مكان، وهو زئبق روحاني لم يصنعه غير السحرة من كهنة الآلهة عند قدماء المصريين وهؤلاء السحرة استطاعوا أن يسخروا هذا السائل لعمل المعجزات التي لا يستطيع فعلها غير الجان؛ ولذلك أرادوا أن يحفظوه بعيداً عن أيدى العامة من الشعب، فكان أن وضعوه في حناجر المومياوات وأصبح مرصوداً بالجان لحمايته إلا ممن يعرف السر الفرعوني..

ويضيف العارفون ببواطن الأمور أن الكاهن الأكبر للإله، والذي يمثل الفرعون نفسه، هو الذي يعرف السر ولا أحد غيره، ولذلك يقوم وهو داخل قدس الأقداس بالمعبد بوضع الزئبق الأحمر داخل بيضة مصنوعة من خشب الأبنوس أو سن الفيل أو الألباستر، صغيرة الحجم جداً وتشبه التمرة، ولكي يستطيع الكاهن الأكبر إخفاء السائل داخل هذه التمرة كان عليه أن يستعين بالجان لكي يقوموا بعمل ثقب صغير داخلها وضخ السائل في البيضة أو التمرة. أما الكمية التي توضع بالداخل فقد تم تحديدها بحيث وصلت إلى ثلاثة جرامات وثلث من الزئبق الأحمر الروماني.. أما كيفية إحضار السائل فقد كان المصريون القدماء يذهبون إلى الصحراء الغربية والشرقية مستدلين بالنجوم وكانوا بارعين في معرفة أسرار الكون وبالذات الكاهن الأكبر والمساعدين له من الكهنة، وقد توارث الكهنة هذا السر ولم يسروه إلى أحد وحافظوا عليه داخل صدورهم.. أما هذه التمرة أو البلحة فقد اعتبرها المصريون القدماء أثمن وأغلى شيء، وهي التي تحتوي على الزئبق الأحمر، واعتبر أعظم أسرار السحر عند الفراعنة.. ولذلك وضعوه في أغلى مكان لا يصل إليه بشر وهو حنجرة الملك، وهذا يعطي القوة السحرية للفرعون التي تمكنه من تسخير الجان وإخضاعهم لسطوته وتنفيذ أوامره، ويقولون إن هذا هو سر تفسير لعنة الفراعنة لأن من يريد معرفة هذا السر أو الحصول عليه يموت فوراً بفعل السحر الذي رصده الفراعنة... هذا ما سمعته من أحد المثقفين الذين يعملون بالسياحة الذي يحكي القصة ولا يمكن لأي أحد أن يكذبه، ولكني لم أستطع الصبر وكان الكاتب الكبير الصديق أنيس منصور حاضراً لهذه المناقشات، فقلت إنني فتحت توابيت مغلقة منذ آلاف السنين وبحثت داخلها ولم يكن قد مس هذه التوابيت بشر من قبلي منذ آلاف السنين، وقد قمت بفتحها وتصويرها وفحص المومياوات الموجودة بها بالأشعة المقطعية وغيرها ولم أر في حياتي أي بلحة أو بيضة داخل حناجر المومياوات التي لم يكن عليها سوى التمائم والحلي الثمينة التي أراد صاحب المومياء أو صاحبتها التزين بها في العالم الآخر، وكانت التمائم المختلفة هي وسيلتهم السحرية في الوصول بأمان إلى العالم الآخر من دون أن تعترضهم الأرواح والكائنات الشريرة الموجودة فيه!!

www.guardians.net/hawass