المكنسة الذهبية

TT

حصل المغربي فؤاد العروي على شهادة الهندسة والدكتوراه في الاقتصاد من أشهر جامعات فرنسا، لكن بدل العمل في حقول الإنشاءات أو المال، انصرف إلى التدريس في جامعة أمستردام، والى ما هو أمتع من ذلك: كتابة الرواية والسخرية الضاحكة من بعض مظاهر المجتمع المغربي. ولا أعرف لماذا ينغمس الأيتام في السخرية والدعابات بدل الحزن، لكن العروي واحد من هؤلاء. وله زاوية أسبوعية في الصفحة الأخيرة من «جون أفريك» تختم المجلة على ابتسامة، مهما تضمنت من أحزان أفريقيا وشقائها.

يروي العروي أنه كان يقلب الكتاب السنوي لجامعة أمستردام عندما لمح صورة سيدة ذات ملامح متوسطية واضحة. شعر بالغبطة. ماذا حققت هذه المرأة لكي تستحق أن تنشر صورتها في الكتاب السنوي لأهم جامعات هولندا. لا بد أنها أثبتت، عمليا وبالوثائق، أن شكسبير لم يكن ولم يولد ولم يوجد. أو أنها اكتشفت لقاحا نهائيا ضد الزكام، المعروف عندنا بالاسم المناقض: الرشح!

لكن عندما يقرأ المقال المرفق مع صورة المغربية فريدة ب. وا أسفاه. لا لقاح ضد الزكام ولا بحث في شكسبير. لقد اختارت لجنة خاصة من الجامعة السيدة فريدة ب. من بين جميع زميلاتها كي تكون «شغالة العام». إنها أفضل من ينظف، في رأي اللجنة، قاعات الدروس والممرات والسلالم الحجرية. وتوابعها.

أليس هناك ما يدعو للشك في نوايا الجامعة، أو على الأقل في نوايا أصحاب الكتاب السنوي؟ كتاب مليء بصور الأساتذة والطلاب والناجحين، والعربي الوحيد شغالة مسكينة من المغرب؟ هل المقصود تكريس هذه الصورة في الأذهان للمهاجرين العرب: كناسون باهرون وشغالات يستحققن التنويه الجامعي. وربما في العام المقبل وسام الكناسة؟

كانت الأفلام الساخرة تصور سائق الباص هنديا. ومعاونه أيضا. والركاب بيض أو شقر. الآن الخمسة الأوائل على لائحة أغنى 500 بريطاني التي تنشرها «الصنداي تايمس» كل عام، الخمسة الأوائل هنود. ميتال باتيل شودري مودري، أو شيء من هذا القبيل.

بدأت حركة التحرر في الولايات المتحدة امرأة سمراء تدعى روزا باركس. كان ممنوعاً على الأفروأميركيين الجلوس في المقاعد الأمامية في الباصات، فصعدت روزا باركس إلى الباص وجلست في المقعد الأمامي. اعترض السائق والمعاون ورفضت روزا باركس أن تتحرك. ومنذ ذلك اليوم والأفروأميركيون يجلسون في المقاعد الأمامية. الكتاب السنوي المقبل لجامعة أمستردام سوف يختار مغربية لمقعد الشرف في الكليات. لا على السلالم وتوابعها.