الإمارات.. إحدى بوابات العراق نحو المستقبل

TT

إن اشتداد أوار الصراع بين الأمم بشأن الأراضي المحتلة وتحويله إلى صراع دموي، كما حدث بين العراق وإيران، قد ولى زمانه، إذ استمرت الحرب ثماني سنوات وراح جراء تلك الرعونة الملايين من الضحايا وانتهت من دون غالب أو مغلوب، ولم تحسم الحرب الاختلاف بين البلدين إلى يومنا هذا، إلا ان دولة الإمارات في أثناء صراعها مع إيران بشأن الجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى، نهجت سلوكا متحضرا في محاولاتها لفض النزاع مع إيران، وبغية استردادها اتبعت سياسة حكيمة في الركون إلى المنظمات الدولية، وحشد التأييد العربي والدولي في محاولاتها لاستعادة هذه الجزر التي تتمتع بأهمية استراتيجية قصوى. فهي تشرف على حركة الملاحة البحرية في الخليج وتتحكم فيه، ناهيك من مواردها الاقتصادية. وعلى الرغم من كل ذلك انتهجت سياسة هادئة، وبشكل مدروس تحقق نجاحات في مسعاها هذا؛ وآخرها ما اجمع عليه المؤتمرون في البيان الختامي للبرلمانات العربية المنعقد في أربيل. ولكن المثير هو تحفظ البعض من البرلمانيين العراقيين، الأمر الذي منح القوى المناهضة للعراق، الفرصة بإثارة زوبعة من الافتراءات والتأويل المضاعف للعب بهذه الورقة وإجهاض ما تحقق من نجاحات، وقد خابت هذه المحاولات بفطنة الخيرين.

هنا أود الإشارة إلى ان العراقيين، وكما هو معروف عنهم، وبجميع أطيافهم من دون أي استثناء مع الإجماع العربي وفي جميع التحديات والمعارك التي خاضها العرب، والمواقف العراقية مشهودة بهذا الشأن، وعلى الرغم من ان البعض حاليا يرسل إلينا المتفجرات والبهائم المفخخة وفتح حدوده باسم العروبة والمقاومة الشريفة، حتى تحولت ساحات العراق الى حمامات دم، إلا ان العراق وشعبه منحاز إلى جانب العرب في قضاياهم المصيرية، وعندما يسترد عافيته ستظهر قوته وإمكاناته لدعم إخوته العرب.

أما هذا الموقف الجزئي الذي ورد في مؤتمر البرلمانات العربية، والذي جاء بتأثر الضغوطات الهائلة التي يتعرض لها العراق من دول الجوار والتدخل السافر والمؤلم في ديمومة زخم الدمار والخراب في العراق بذريعة إفشال المشروع الأميركي، فلا يخفى على أحد مدى فعالية الدور الإيراني في العراق وخير دليل على ذلك اعتراف الأميركيين بذلك عبر عقد المؤتمرات في العراق لتدارس العلاقات الثنائية ومناقشة الوضع الأمني العراقي، فضلا عن وضعه الشائك والمعقد في المجال الأمني والاقتصادي، فالتفسير المنطقي لهذا التحفظ هو محاولة تحييد الجانب الإيراني، علما أن هناك أطرافا في الائتلاف ذاته عبرت عن رفضها لهذا التحفظ وآخرين ذهبوا إلى القول انه غير دستوري، ثم ان البرلمانيين العراقيين يمثلون تكتلات عديدة وثمة اختلاف ضمن الكتلة السياسية الواحدة، فالبرلمان العراقي لا يمثل الحكومة أو هو تابع لها، أو يعبر عن وجهة نظر واحدة، ونحن في العراق وبشكل يومي نسمع حزمة من التصريحات المتناقضة للكتلة السياسية الواحدة.

ونحن دائماً نؤكد على نقاط التلاقي وتمتين كل ما من شأنه تعزيز العلاقة بين البلدين مع إدراكنا العميق بالدور الاقتصادي الهائل الذي ستلعبه الإمارات في العراق، كما لا ننسى الاحتفال الحكومي والشعبي بفوز الفريق العراقي بكأس آسيا، وما أغدقوه على اللاعبين من أموال وفيرة قدمت من قبل الإمارات العزيزة. لتعبر عن عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، كما عبر رئيس الجمهورية في الحفل الختامي عن رأي واضح وصريح ان العراق مع الإجماع العربي ويدعم قضاياه المصيرية من المغرب إلى الخليج في إشارة لدعم وتأييد الإمارات في استرداد الجزر. وحاليا تنصب سياسات العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية، وتعد القرارات والقوانين الداعمة لجذب الاستثمار في اقليم كردستان خير مثال على ذلك. 

ومن الجدير بالذكر ان رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني أكد خلال اجتماعه بالوفود ولا سيما مع الوفد الاماراتي على أهمية تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين العراق عامة واقليم كردستان خاصة مع الامارات العربية المتحدة في جميع المجالات. في اثناء استقباله للوفد النيابي الاماراتي وعبر عن رغبة كردستان الأكيدة في تمتين عرى العلاقات مع العرب ولا سيما الامارات، كما انه دعا رجال الاعمال والمستثمرين الاماراتيين الى الاسراع في اعادة اعمار العراق وكردستان ودعم الحراك الاقتصادي والاستثماري ولا سيما في منطقة اقليم كردستان والمناطق غير الساخنة من العراق. وعبر عن ارتياحه لزيارة الوفد الاماراتي فرصة متاحة لنقل الصورة الحقيقية عن العراق والمنطقة الكردستانية التي يسودها الامن والتعايش الاخوي والديمقراطية والتطور، وبالمقابل أبدى رئيس مجلس الاتحاد الاماراتي تقديره للرئيس البارزاني على استضافة المؤتمر في أربيل مشيداً بالوضع القائم في اقليم كردستان ولا سيما من الناحية الأمنية وعده حافزاً لتوظيف الرساميل الاماراتية في المشاريع الاستثمارية في الاقليم. اذن هل من المعقول ان نغلق هذه البوابة المطلة على المستقبل؟ أليس من الحكمة استثمار الفرصة المتاحة؟ ولا سيما من الامارات التي عبرت بشكل صادق عبر وفدها لمؤتمر أربيل عن نيتها الأكيدة للاستثمار في العراق واقليم كردستان، فهل ستتحول النوايا الى واقع؟

* أستاذة جامعية في أقليم كردستان العراق