قصة شريط فيديو؟

TT

إذا كان انزعاج لبنان من اطلاع الامم المتحدة لاسرائيل على شريط الفيديو المتعلق باختطاف ثلاثة من الجنود الاسرائيليين من مزارع شبعا المحتلة مفهوما ومبررا ـ كون الشريط «ينقل معلومات من داخل الاراضي اللبنانية» الى دولة لا يزال لبنان في حالة حرب معها ـ فان تركيز اسرائيل على انتقاد تعامل الامم المتحدة مع موضوع الشريط يتجاوز الحدث، بحد ذاته، الى موقف سياسي غير معلن رسميا من المنظمة وأمينها العام.

على حد تعبير المثل الدارج، لم يعد موضوع شريط الفيديو في اسرائيل «قصة رمانة بل قلوب ملآنة»... من الامم المتحدة ككل ومن أمينها العام، كوفي أنان، بالتحديد. والحملة التي تقودها حكومة آرييل شارون على الجانبين تكشف بوضوح أن المطلوب ليس «النسخة الاصلية» للشريط ـ بداعي انها تظهر وجوه عناصر «حزب الله» اللبناني الذين نفذوا عملية الاختطاف ـ بل زعزعة مصداقية القوات الدولية في الجنوب اللبناني، وفي الوقت نفسه النيل من حيادية كوفي أنان. وإذا كان انزعاج حكومة شارون من التصرفات الاخيرة للامم المتحدة يعود الى تقرير لجنة ميتشل الدولية، وخصوصا تشديده على وقف عمليات الاستيطان الاستفزازية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فقد فاقم هذا الانزعاج تنديد الامين العام، كوفي أنان ـ قبل أيام معدودة ـ بسياسة «التصفيات» التي تمارسها حكومة شارون للناشطين الفلسطينيين ومطالبته الاسرائيليين بوضع حد لها، كونها تشكل مخالفة للقانون. وتتضح أبعاد الحملة الاعلامية الاسرائيلية على الامانة العامة للامم المتحدة من اتهام المنظمات اليهودية الاميركية لها بـ«التستر» على نشاطات «حزب الله» اللبناني واتهام قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل) بـ«اللا سامية» و«العداء التاريخي لليهود».

على خلفية المنطق الاسرائيلي المعهود من حملات «التشهير» بالآخرين، قد يكون المطلب الاول من الحملة الراهنة لاثارة «عقدة ذنب» في اوساط قيادة قوات الطوارئ الدولية هو تأمين مساهمتها المباشرة في الافراج عن الاسرى المحتجزين لدى «حزب الله» اللبناني... وربما من دون اضطرارها، بالمقابل، الى الافراج عن المعتقلين اللبنانيين في سجونها.

ولكن خطورة التلميحات الاسرائيلية الى وجود «تواطؤ» محتمل بين قوات الطوارئ الدولية والمقاومة اللبنانية تبقى في امكانية تحويل هذه التهمة الى مدخل للمطالبة بسحب مبكر لهذه القوات من الجنوب اللبناني، الامر الذي يعارضه لبنان في ظل الظروف القائمة حاليا على جبهة مزارع شبعا. وغير خاف أن من شأن قرار دولي بتسريع الانسحاب من الجنوب أن يفتح الباب لضغوط دولية واسعة على لبنان لنشر جيشه على الحدود المشتركة مع اسرائيل وتحميله بالتالي المسؤولية المباشرة عن اي عملية مقاومة في منطقة مزارع شبعا المحتلة.