لنشعر بالقلق مقدما

TT

تكاثرت الكوارث في العالم في الآونة الأخيرة إلى الحد الذي بات من الصعب معه أن نعطيها الاهتمام اللائق. فتبدأ في القلق حول انهيار سوق الإسكان، ثم تتحول للحديث عن قطع الثلج الضخمة الآخذة في الذوبان أو الروافع الضخمة التي تنهار فوق مواقع البناء في المدن. وقبل أن تكمل الحديث، ينتهي اليوم.

فلنحدد أولوياتنا. ولتقيم كل أسباب قلقك على مقياس من واحد إلى عشرة. فعلى سبيل المثال، تفشل زيمبابوي في إحصاء أصوات الناخبين بعد حوالي أسبوع، في الوقت الذي تفشل فيه تكساس في الأمر نفسه بعد مضي أكثر من شهر.

ولننظر إلى العراق.. وطبقاً لمقالة لإريكا جود نشرت في التايمز، فإن العراقيين يحتفلون الآن بالأول من أبريل بتبادل المزحات المرحة، مثل إخبار مجموعة من الطلاب أن معلمهم قد تم اغتياله. كذبة أبريل! من الواضح أن هؤلاء القوم يستحقون كل الاهتمام الذي نستطيع أن نمنحه إياهم. وقامت الحكومة العراقية أخيراً بدخول البصرة من أجل طرد القوات التابعة لمقتدى الصدر. ولم يبد الأمر كفكرة سيئة في أول الأمر، حتى فشلت على أرض الواقع. ثم يأتي مدير وكالة الاستخبارات المركزية، والذي ظهر في البرنامج التليفزيوني «ميت ذا برس» وأعطى انطباعا أن الأميركيين قد تفاجأوا بالأمر برمته، أو على الأقل، «فيما يتعلق بالاطلاع المسبق على الأمور، أو عملية التخطيط العادية التي تقوم فيها بتعزيز القوات قبل أيام أو أسابيع من العملية». وحتى مع وجود نصف «دستة» فقط من الأشخاص في سفارتنا ممن يتحدثون العربية بطلاقة، أتعتقد أن تقوم الحكومة بإعطائنا إشارة عندما تبدأ في القيام بحرب صغيرة؟ وطبقاً لعدد التايمز الصادر يوم الخميس الماضي، فإن الأميركيين كانوا على علم بالتخطيط. ويبدو أن ما تم إخبارهم به بدون مهلة كافية كان قرار رئيس الوزراء نوري المالكي للقيام بعمل ارتجالي. وينجح هذا الأسلوب التلقائي عندما يكون الهدف هو إقامة حفل عشاء صغير لستة أصدقاء، ولكنه يبدو أقل نجاحاً حينما يتعلق الأمر بالسيطرة على مدينة باستخدام القوة.

وتظهر المفاجأة الحقيقية عندما اتجه المالكي إلى خيار شائع ومثير للجدل ظهر في الأخطاء الفاضحة التي تعكس عدم كفاءة، بدلاً من المواصلة بأسلوب استراتيجي ذكي. ولا يبشر أي من هذه الأمور بخير، وذلك بغض النظر عن الفائز بمنصب الرئاسة العام المقبل. فلنتخيل الرئيس باراك أوباما أو الرئيسة هيلاري كلينتون وهما يحاولان تخليص 158000 رجل وامرأة بدون مساعدة من «عملية التخطيط العادية التي تقوم فيها بتعزيز القوات قبل أيام أو أسابيع من العملية». وبالطبع فإذا أصبح جون ماكين رئيساً للبلاد، فقد تستمر المفاجآت للسنوات المائة القادمة. والقول بأن ماكين قد قال إنه مستعد للبقاء في العراق لمدة 100 عام هو أمر غير منصف، إلا أن الديمقراطيين سيبرزونه في إعلانات سيتم عرضها كل ست ثواني في الخريف القادم. وما كان ماكين يعنيه هو أنه مستعد للاحتفاظ بالقوات في العراق لمدة 100 عام، طالما «أن أحداً لا يصاب أو يتأذى أو يجرح أو يقتل» في هذه الأثناء، مما يعكس أمراً مختلفاً تماماً.

ولم يتم الكشف حتى الآن عن التقديرات حول المدة التي سوف يكون فيها ماكين مستعداً للبقاء في العراق في حال حدوث إصابات أو أذى أو جروح أو عمليات قتل. ولنشعر بالقلق مقدماً.

* خدمة «نيويورك تايمز»