البحث عن غطاء للصدر

TT

جيش المهدي التابع للسيد مقتدى الصدر لم يشكل من خلال فتوى من مراجع شيعية عليا حتى يقول الصدر إنه على استعداد لحله إذا أمرت المراجع الدينية بذلك. وبالطبع، فإن اللجوء للمراجع الدينية يعني أن الأمر بات الآن بين يدي السيد السيستاني في النجف، والسيد كاظم الحائري في قم.

والسؤال هو: لماذا لجأ الصدر إلى ذلك؟ ولماذا لم يطلب الصدر الفتوى، من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، على غرار ما يفعله حسن نصر الله في لبنان الذي يؤمن بالولي الفقيه؟

الصدر لم يتذاك في هذا القرار، بقدر ما انه يبحث له عن غطاء بعد أن ثبت له تخلي حكومة طهران عنه، خصوصا أن الخارجية الإيرانية أعلنت دعمها لحكومة نوري المالكي العراقية في «صولة الفرسان»، مما يعني تلقائيا أنها ضد الصدر.

من الواضح أن الصدر تأكد من أن إيران الآن ضده، وتريد حكومة موالية، لا ميليشيا، وبالتالي لم يعد أمامه سوى اللجوء إلى المراجع الدينية، بعد أن خذله ساسة طهران.

وهنا تكمن المفارقة، فالعراق إلى الآن رهنٌ للفتوى والمرجعيات الدينية، وليس لعراق ديموقراطي يشكل نموذجاً في المنطقة كما تريد أميركا، وذلك كله بسبب الإيرانيين الذين تفاوضهم أميركا حول العراق أملا في أن يتسنى لجيشها انسحاب سريع.

وهذا ليس كل شيء، بل ان نوري المالكي قاد «صولة الفرسان» ضد جيش المهدي بموافقة إيرانية، تغطي كل شي باسم الدين، وها هو السيد مقتدى يحتمي منه بغطاء ديني أيضا. وبالتالي، فإن الضحية بالعراق هو كل من يريد بلدا عصريا موحدا بعيدا عن المحاصصة الطائفية.

ومع الإيمان والقناعة بضرورة أن يكون العراق مستقرا من أجل مواطنيه، إلا أن حكومة المالكي لم تباشر بشكل مستحق عملية المصالحة السياسية، بل من الواضح أنها حريصة على تحالفها مع طهران، وتدعيم الأحزاب الموالية لها أكثر من مصلحة عراق حر مستقل.

فالميليشيا المسلحة لم تولد اليوم، وليست وحدها ميليشيا الصدر بل إن الأمر وصل إلى ميليشيا لكل وزارة، وحزب، ومجموعة في العراق.

وهذا لا يعني دعم الصدر وميليشيا جيش المهدي بالطبع، كما انها لا تعني شجاعة للمالكي كما يقول الرئيس الأميركي على اعتبار أن المالكي شيعي جابه الشيعة. هذا تسطيح، فكما ذكرنا مرارا، فإن «أمل» نبيه بري في لبنان شيعية، ومن أطاح بها هو حزب الله الشيعي، وبمباركة إيرانية. وكلنا يعرف أن هناك صراعا شيعيا ـ شيعيا كامنا تحت الرماد بين شيعة العراق وشيعة إيران، وقد ينفجر في أي لحظة.

المهم هو بناء عراق حر مستقل، مشروعيته تقوم على الحفاظ على وحدة البلاد، لا التنافس من أجل تدعيم أجندات طائفية. ومن الواضح أنه بالقضاء على مقتدى الصدر بهذا الشكل، من قبل حكومة المالكي، وبهذا الدعم الإيراني، فإن الواقع ينبئ عن خطر كبير يتهدد باقي الأحزاب والأطراف العراقية الأخرى التي تريد عراقا حرا مستقلا، لا عراق ملالٍ، ولا عراقا أميركيا.

[email protected]