«يا داخل مصر أمثالك كثير»

TT

لعبت مصر ولا تزال الدور الحاضن للفنانين العرب، حتى لقبت عاصمتها القاهرة بعاصمة الفن العربي، فأشهر الفنانين العرب حققوا أكبر انطلاقاتهم من مصر، ولذا لم أستطع أن أتفهم قرار أشرف زكي نقيب الممثلين المصريين، وهو يعلن منع كافة الممثلين العرب العاملين في مصر من المشاركة طيلة العام إلا في عمل واحد فقط مهما كانت نجوميتهم أو تاريخهم، ورفض مشاركة أية وجوه عربية جديدة في الأعمال المصرية مهما كانت الضرورة التي تستدعي ذلك، وربما يكون الأمر مقبولا لو صدر من نقابة فنية عربية أخرى ـ غير النقابة المصرية ـ تخشى على حركتها الفنية المتواضعة من غزو الكفاءات العربية، لكن مصر بريادتها الفنية، ومنجزها، وترسانة مواهبها من الممثلين، لا يمكن أن تخشى على فنانيها من مشاركة أعداد محدودة من الفنانين العرب أمثال جمال سليمان، وأيمن زيدان، وهند صبري، فقد اعتادت مصر استيعاب مثل هذه النخب وتوظيفها في مصلحة الفن المصري.. وعلى نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي استحضار المثل المصري الشهير: «يا داخل مصر أمثالك كثير»، فمهما كانت نجومية هذه النخبة من الممثلين العرب ففي مصر من أمثالهم وأندادهم كثيرون، ولا خوف على الممثل المصري النجم والموهوب من مشاركة هؤلاء..

وفي تقديري أن قرار نقيب المهن التمثيلية لا يصب في مصلحة الدراما المصرية، التي لا تستهدف المشاهد المصري فحسب، وإنما كافة المشاهدين العرب من الماء إلى الماء، وإدخال هذه الدراما واسعة الانتشار في متاهات ضيقة لا يتناسب مع غاياتها، واتساع دورها، وآفاق رسالتها، كما لا أرى في هذا القرار حماية للمثل المصري أو منحه المزيد من فرص العمل، لأن استمرار تألق الأعمال الفنية التي تصدر عن مصر، وزيادة نجاحاتها، سيخلقان للممثلين المصريين أضعاف الفرص التي يمكن أن يحدثها مثل هذا القرار.

فمصر عاصمة الفن العربي التي احتضنت ورعت فنانين أمثال: فريد الأطرش وأسمهان، وصباح، وعبد السلام النابلسي، ووردة الجزائرية، وغيرهم، لم تخش قط أن يقتات هؤلاء من نجومية أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وشادية، ومحمد فوزي، وإسماعيل ياسين، وغيرهم، فلقد صهرت كل هؤلاء في بوتقتها ليشكلوا بإبداعاتهم روافد جديدة تصب في نهر الفن المصري..

فهل تراجع نقابة الممثلين في القاهرة قرارها، أم أن قدر الفن العربي الدخول في إشكاليات الدوائر الفنية المغلقة؟!

[email protected]