النون من الونين

TT

أعادنا القارئ الفاضل النذير البشاري محمد، أبو الخطاب، الذي يوقع رسالته بعبارة «القارئ المدمن لهذا العمود» إلى موضوع النون ونون النسوة. يتساءل في رسالته فيقول: ما هو السر في ارتباط النون بالمصائب: فلسطين والسودان وكردستان والجولان وافغانستان وطالبان والبلقان والشيشان والألبان وسواها. وكذلك تلقينا الكثير من هذه المصائب ممن تنوّن اسماؤهم، ابتداء من هامان وفرعون إلى موشي ديان وبن غوريون، بن لادن، شارون، ستالين، ولنين، والكرملين، وغيرهم ممن أخاف أن أذكر أسماءهم خوفاً أن ينونوني فيوننوني. فالنون من الأنين والونين يا أبا الخطاب.

ومن رسالتك الفاضلة اكتشفت كيف توصل العرب إلى نون النسوة، فقد جاءت من أنين المرأة، وهو ايضا السر في تمسك العراقيين باستعمال نون النسوة، حتى بالنسبة للرجال أحياناً. فالرجال هناك لا يقلون أنيناً عن النساء. وهو بوضوح الميدان الوحيد الذي تسود فيه المساواة بين الجنسين.

بيد أن استاذنا الجليل مير بصري، امده الله بالصحة والعافية، يعطي صورة مختلفة للمرأة العراقية بالنسبة لديدن العراقيين في اعتمادهم على التأنيث. انه من شغفهم ومحبتهم وحسن تقديرهم للمرأة. وهذا صحيح فهم دائما يجرون وراءها ويضحون بأي شيء من أجلها. وجاء الاستاذ البصري بحجته في قصيدة كان قد نظمها في تمجيد المرأة بعنوان «نساء نساء»، يقول فيها:

نساء، نساء، ورود الحياة خطرن فكن عطور الجنان كسفن البدور بحسن الثغور وتهن بفرط هوى وافتتان جمعن النقائض في لمحة ولم يك في طبعهن ضمان فهن الملائك يوم الرضا وهن الشياطين بعض الأوان بسطن الأكف، رفعن الرؤوس بمن وجدن بفيض الحنان وصالت رياح القلى والخصام فرام الرجال بهن الأمان وطال الجدال وقيل وقال سمعن الهراء وصن اللسان خلقن الفنون برؤيا الفتون واطلقن للحالمين العنان تماثيل صخر بهرن العيون وشعر بديع بليغ البيان وألحان حب تثير النفوس ورقص الغواني وعزف القيان يمضي الشاعر في قصيدته حتى يختتمها بهذه التحية الخالصة:

نزلن خفافاً لسوح النضال ولم يضنهن شديد المران هززن السرير، سقين النمير أسون الجراح بلطف البنان ملأن الشعاب وجزن الصعاب وضاق بهن وسيع المكان إليهن أهدي تحايا الوداد بقلب أسير الهوى والحنان آسف يا أخي أبا الخطاب، على هذه القافية النونية، صدقني لم أتآمر مع الاستاذ مير عليها لمجرد إغاظتك!.

لكن يظهر أن الأخ سافر الياسري عازم على إغاظتي، فقد أرفق رسالته بخبر النجاح الواسع الذي حققته المطربة العراقية فريدة في أمريكا. يعتبر ذلك جواباً على انتقادي لها ويتحداني أن أبرر ما قلته. لا ادري لماذا يحمل جمهورنا الكلام على غير محمله، ويتعصبون أمام أي كلمة لا تعجبهم. لقد اثنيت بحماس على صوتها وأدائها في كلتا المقالتين، كل ما قلته هو أن المقام العراقي فن رجالي لا يصلح للمرأة. وقد أكون على خطأ، بل وأثبتت فريدة بأنني على خطأ بعد سماعي لها مرة ثانية!.