«لعبة» نبيه

TT

خير رد على دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، للعودة للحوار الوطني هو ما قاله وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، فحين قيل للوزير الفرنسي إن السيد بري يسعى لمعاودة إطلاق الحوار بين اللبنانيين، جاء رده «سبق له أن لعب معي هذه اللعبة».

مشكلة طاولة السيد بري المستديرة أنها تدور في حلقة مفرغة، ودونما جدوى. في عام 2006 وبينما كان اللبنانيون يجتمعون على طاولة السيد بري، كان حزب الله يخطط لاختطاف لبنان كله عندما غامر وأقحم البلد في حرب مدمرة مع إسرائيل راح ضحيتها قرابة الألف لبناني.

حينها اعتبر حزب الله ذلك الدمار انتصارا، لأن رأس السيد حسن نصر الله سلم. ومنذ تلك اللقاءات من أجل الحوار سرق القرار اللبناني كاملا، وبات في يد مثلث حزب الله ـ إيران ـ وسورية.

وبعد ذلك ضرب الشلل الحكومة اللبنانية والمؤسسات الدستورية يوم قرر حزب الله احتلال وسط بيروت وشل القطاع الاقتصادي. اليوم، يريد السيد بري العودة للحوار الوطني من جديد، مباركا من الرئيس السوري الذي التقاه في دمشق، علنا، وبدعم من السفير الإيراني في لبنان الذي أعلن تأييد طهران لمبادرة رئيس مجلس النواب.

الغريب أن مبادرة السيد بري تأتي في الوقت الذي يواصل فيه إغلاق مجلس النواب منذ سبعة عشر شهرا! أوَلم يكن من الأجدى أن يواصل البرلمان أعماله، ليستمر الحوار داخله، وهذا مكانه الطبيعي، بدلا من تعطيل العمل الدستوري بقرار خارجي؟

السيد بري، وبعد أن أشغلنا بأن مشكلة لبنان هي (س + س) أي السعودية وسورية، يعود ويقرر الآن أن الحل لبناني ـ لبناني، ومن خلال حوار تباركه سورية. وهذه هي خطة دمشق بعد القمة العربية. اللافت أن بري خرج من اجتماع دمشق قائلا إن غياب لبنان عن القمة عطل الحل اللبناني، بدلا من أن يتحدث عن تغييب لبنان.

المطلعون على ملف لبنان، وأبرزهم بري، يدركون أن المشكلة الآن أعقد من انتخاب رئيس. فمع اقتراب محكمة الحريري تزداد الأمور تعقيدا، في لبنان، والمنطقة. لبنان مرشح لزلازل أقوى مما نتخيل. هناك من هو مستعد لإحراق لبنان، والمنطقة، إذا لزم الأمر، من أجل تعطيل المحكمة الدولية.

أحد القريبين من ملف المحاكمة قال لي إن هناك إدراكا دوليا بأن أوراق المحكمة ستكون غارقة بالدم، كلما اقترب استحقاقها. وعلى المهتمين تمعّن الأخبار جيدا، فحزب الله في تسلح متزايد، وحماس تهدد بدفع الأمور تجاه مصر، وكأن القاهرة هي المحتلة.

إسرائيل بدورها تقوم بمناورات ضخمة، بينما أعلنت سورية عن إجراء تدريب وطني لمواجهة «الكوارث الطبيعية وغيرها». ومن باريس جاءتنا مفاجأة اختفاء الشاهد السوري في قضية الحريري، وغياب الأشخاص المؤثرين يبدو أنه سيكون سمة المرحلة القادمة. وهناك ترقب لنتائج تحقيقات اغتيال عماد مغنية، ومن المتوقع أن تخرج بشكل مبرر لأحداث أخرى تخدم ملفات سورية.

ومع كل هذا فإن دعوة نبيه بري للحوار ليست ذات تأثير، فما يدار خارج طاولة الحوار هو الأهم، والأكثر تأثيرا.

[email protected]