ظاهرة الظواهري

TT

أما وقد أجاب أيمن الظواهري ولو بعد قرابة الأربعة أشهر من الدعوة الالكترونية لمؤسسة «السحاب» لتوجيه أسئلة إلى الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» عبر الانترنت، فلا بأس من التوقف قليلا عند بعض المعاني التي قد يستبطنها المؤتمر الصحافي الأول لمنظر القاعدة والذي أجاب فيه برسالة صوتية على أربعة وتسعين سؤالا تولت «السحاب» نقلها عبر الشبكة الالكترونية.

بصرف النظر عن التناقضات والتفاوت في المواقف التي أعلنها الظواهري والتي حملت نقداً متكرراً لحركة حماس وإشادة بتفجيرات الجزائر والتبشير ببدء انهيار الولايات المتحدة، فإن الحقيقة الفعلية التي يستبطنها ما يسمى بالمؤتمر الصحافي للرجل الثاني في القاعدة هي فكرة المؤتمر الصحافي نفسه..

خلال العامين الماضيين، تبين أن معظم الشبكات المتشددة التي كشف عنها عبر العالم هي شبكات محلية من حيث الانتماء والتخطيط والتنفيذ وبالتالي هي لا تنتمي إلى القاعدة على نحو تنظيمي مباشر لكنها بالتأكيد تتماهى معها.

حقيقة أن شبكة القاعدة قد انفرط عقدها تنظيمياً وتحولت إلى مجموعات من الشبكات المتناثرة أفقياً وليس هرمياً ولّد حاجة لدى القيادة للبقاء والدفاع عن موقعها ولو إعلامياً.

من الواضح أن تنظيم القاعدة يعيش تخبطاً فعلياً على المستوى التنظيمي بعد ضرب بنيته جراء الملاحقات بحق قيادته وناشطيه وهذا انعكس بشكل مباشر على أفكار التنظيم.

فالخلاف مثلا بين القاعدة وحركة حماس هو في الحقيقة خلاف بين تنظيم إسلامي عالمي وتنظيم آخر إسلامي لكن محلي، وهو ما يفسر ربما انتقاد الظواهري لقتل أطفال اسرائيليين بصواريخ أطلقتها حركة حماس لكنه في المقابل دفاع عن تفجيرات أخرى سقط فيها أبرياء كما في الجزائر والعراق وكررّ الإشادة بهجمات نيويورك وواشنطن وهي مواقف تحمل الكثير من التباين والتنافر.

في السنوات الأخيرة أظهرت الهجمات التي شنتها مجموعات إسلامية متشددة غلبة الصيغ المحلية أو «الوطنية» للحركات الإسلامية المسلحة سواء في فلسطين أو العراق أو باكستان.

يظهر هذا الواقع تراجع نظرية «الجهاد العالمي» التي كانت الشعار الذي رفعته القاعدة ونادت به وسوقت له وأنه لم يبق من هذا «الجهاد» المعولم بعد ضرب قدرة التنظيم وقيادته في أفغانستان سوى الحضور الإعلامي عبر أشرطة فيديو من هنا وبيانات وتسجيلات صوتية من هناك. وما إصرار أيمن الظواهري على الظهور من حين لآخر وافتعال مؤتمرات صحافية تستغرق أربعة أشهر لإتمامها سوى مؤشر على كفاح القاعدة للبقاء كنموذج وكفكرة بعد استحالة الاستمرار كبنية تنظيمية.

مرة جديدة يظهر أيمن الظواهري كمن انتقل من موقع مدير العمليات والمخطط العسكري والمنظر العقائدي لـ «القاعدة» ليصبح أقرب إلى وزير إعلام أو ناطق باسم القاعدة وربما قريباً نقرأ له مدونة على الانترنت..

diana@ asharqalawsat.com

* مقال اسبوعي يتابع قضايا الإعلام