طالما تناقش الباحثون في موضوع احتمالات تجاوز نفوس العرب نفوس اليهود في إسرائيل بسبب زيادة نسبة ولادة العرب وتكاثرهم على نسبة ذلك عند اليهود. إنه الموضوع الذي يقلق الإسرائيليين ويحملهم إلى تبني فكرة إقامة الدولة الفلسطينية أملا في التخلص من احتمال ضم الفلسطينيين إليهم في حالة ضم الأراضي المحتلة إلى إسرائيل. وهو أيضا الأمر الذي يجعلهم مستعدين لتقبل أي تنازلات باستثناء السماح بعودة اللاجئين العرب لديارهم في إسرائيل.
ولهذا السبب فهناك من العرب من يأمل فعلا أن يتحول الفلسطينيون بفعل التوالد والتكاثر إلى أكثرية وينسفون بذلك صفة الدولة اليهودية بمرور الزمن. وعليه فقد نشط الصهاينة في حث اليهود على التكاثر والتوالد.
وفي هذا الانشغال بموضوع الولادات، نسي القوم موضوع الوفيات. فحسب إحصائيات 2004، يموت كل عام في إسرائيل 6.18 شخص من كل ألف مواطن. دفن الموتى من مسؤولية الدولة عندهم. واليهود مثل المسلمين يحبون القبور ولا يقبلون أي بديل للدفن في الأرض. كثيرا ما يقعون في مشاكل عندما يكون المتوفى قد فقد رجله أو ذراعه في الحرب أو في عملية جراحية ولا يستطيعون العثور عليها. فهذا يعني أنه في يوم القيامة سيقوم من قبره أبتر أو أعرج. ويعتقدون أنه يدخل الجنة يعرج على رجل واحدة.
يتطلب الدفن أربعة أمتار لكل ميت، متران للحفرة ومتران للأرض المحيطة اللازمة لتحاشي. ولما كانت نفوس إسرائيل قد بلغت السبعة ملايين نسمة تقريبا، فهذا يعني أنه سيكون عليهم توفير 28.000.000 متر مربع لدفن كل من في إسرائيل حاليا. ولما كانت مساحة إسرائيل الكلية لا تزيد عن 200.256.250 مترا مربعا، (علما بأن الحاخامات لا يجيزون استعمال قبر واحد لأكثر من ميت واحد) فسيعني ذلك انه لن تمر سبعة أجيال من الزمن (أو 7.1 جيل بالضبط) على إسرائيل حتى تنفد كل الأرض اللازمة لدفن الموتى ولا يبقى أي مكان للأحياء. سيضطرون إلى هدم كل هذه المدن والقرى والكبوتزات والمراكز الذرية لتوفير الأرض اللازمة للقبور. وعندئذ تتحول دولة إسرائيل إلى مقبرة إسرائيل الكبرى. ينشط وكلاء الصهيونية في كل مكان لحث اليهود على زيارة إسرائيل والتفرج على كل هذه الصفوف اللانهائية من القبور، التراث الأبدي للحركة الصهيونية.
لا أدري لماذا يشغل الباحثون أنفسهم بموضوع الولادات وتفاوت نسبتها وأمامهم هذه المشكلة المتعلقة بالوفيات ودفن الموتى. وهذا ما أقوله للفلسطينيين. لا تضيعوا وقتكم بضرب الصواريخ والعمليات الفدائية. كل ما يلزمكم هو الصبر لمدة سبعة أجيال لتتحول إسرائيل إلى مقبرة.