ما أسباب أزمة الغذاء في العالم؟

TT

ما الذي يقف وراء أزمة الغذاء في العالم؟

في هذه الأيام تسمعون الكثير حول الأزمة المالية في العالم. ولكن هناك أزمة عالمية أخرى قائمة، وهي تلحق الضرر بكثير من الناس.

أنا أتحدث عن أزمة الغذاء. فخلال السنوات القليلة الماضية تضاعفت أسعار الحنطة والذرة والرز والمواد الغذائية الأساسية الأخرى بل وزاد سعرها إلى ثلاثة أمثال، وكانت الزيادة الأكبر تجري في الأشهر القليلة الأخيرة. وتفزع أسعار الأغذية المرتفعة حتى الأميركيين الموسرين نسبيا، غير أنها في الواقع تلحق الدمار بالدول الفقيرة حيث الغذاء يشكل ما يزيد على نصف إنفاق العائلة. وكانت هناك أعمال شغب في ما يتعلق بالغذاء في مختلف أنحاء العالم. وتقلص الدول المصدرة للأغذية من أوكرانيا إلى الأرجنتين الصادرات في مسعى لحماية المستهلكين المحليين، مما يؤدي إلى احتجاجات غاضبة من جانب المزارعين، ويجعل الأمور أسوأ في دول بحاجة إلى استيراد الأغذية.

كيف حدث هذا؟ الجواب: توليفة من الاتجاهات البعيدة المدى وسوء الحظ والسياسات الخاطئة.

لنبدأ بما هو خطأ الجميع.

أولا: هناك مسيرة الصينيين من متناولي اللحوم، أي العدد المتزايد من الناس في الاقتصادات الناشئة ممن هم، للمرة الأولى، أغنياء إلى حد البدء بتناول الغذاء مثل الغربيين.

ثانيا: هناك سعر النفط. فالزراعة الحديثة تعتمد على الطاقة إلى حد كبير. فالكثير من الوقود البديل يذهب إلى إنتاج الأسمدة وتشغيل الجرارات ونقل المنتجات الحقلية إلى المستهلكين. وبسعر النفط الذي تجاوز 100 دولار للبرميل أصبحت تكاليف الطاقة عاملا رئيسيا في رفع التكاليف الزراعية.

وثالثا: هناك موجة من طقس سيئ في مناطق نمو أساسية. وبشكل خاص تعاني أستراليا، التي تعتبر عادة ثاني أكبر مصدر للحنطة في العالم، من جفاف هائل.

قلت إن هذه العوامل التي تقف وراء أزمة الغذاء، هي ليست خطأ يتحمله أحد، ولكن ذلك ليس صحيحا تماما. فصعود اقتصاد الصين واقتصادات ناشئة أخرى هو القوة الرئيسية التي تدفع نحو رفع أسعار النفط. ولكن غزو العراق الذي وعد مؤيدوه بأنه سيؤدي إلى نفط رخيص السعر قد قلص من إمدادات النفط إلى أدنى مما كانت عليه في حالات أخرى.

التحويل المدعوم للمحاصيل إلى وقود، كان من المفترض ان يدعم الاستقلال في مجال الطاقة ويساعد على الحد من الاحتباس الحراري. إلا ان هذا الوعد، كما جاء بصورة مباشرة في مجلة «تايم»، كان بمثابة «احتيال».

وفي نفس الوقت الأراضي المستخدمة في زراعة المحاصيل التي يستخرج منه الوقود، ليست أراضي متوفرة لزراعة الأغذية. بمعنى آخر يمكن القول ان الناس يتعرضون للجوع في أفريقيا لكي يحصل الساسة الأميركيون على أصوات في الولايات التي تعتمد على الزراعة. وهنا يمكن القول أيضا إن كل من تبقى من المتنافسين على انتخابات الرئاسة ليس لديهم ما هو ايجابي من هذه الناحية.

ترى، ما الذي يجب فعله؟

ثمة حاجة عاجلة إلى المزيد من المساعدات للدول التي تحتاج إلى ذلك. إذ يجب على برنامج الغذاء العالمي طلب المزيد من الدعم. ثمة حاجة أيضا إلى تراجع الاعتماد المتزايد على الوقود الحيوي، الذي اتضح انه كان خطأ فادحاً. ولكن لم يتضح بعد حجم الجهود التي يمكن ان تبذل.

الغذاء الرخيص، مثل النفط الرخيص، ربما يصبح شيئا من الماضي.

* خدمة «نيويورك تايمز»