تشدد

TT

النائب البرلماني الكويتي وليد الطبطبائي، أحد الشخصيات المتشددة في الكويت، أكتفي بوصف له نشرته صحيفة «القبس» الكويتية المعروفة، «شخصية مثيرة للجدل». كثيرون يتهمونه بأنه يتعقب الفرحة ويطارد الابتسامة، ويعتقل أي مظاهر للاحتفال، سبب نكدا كثيرا، وأيضا أسهم في عدم الانتعاش الاقتصادي، وبالتالي ازدهار السوق، فهو يقف بالمرصاد للاحتفالات، يحرم رياضة المرأة، لا يبتسم في أي صورة تنشرها له الصحف. الآن هذا النائب يستعد من جديد لدخول المعركة الانتخابية للحصول على مقعد في مجلس الأمة بعد أن حله الأمير، وقد قام بتقديم «وجهات نظره» في مسائل مختلفة، وذلك ضمن لقاء صحفي مطول. ومن أبرز ما ذكره الطبطبائي قوله: «إنه يقبل وكيل وزارة يهوديا ولكنه يرفض ليبراليا». وهو يصرح أيضا برفضه المطلق «دخول المرأة نائبة في المجلس، ويرفض توليها الوزارة»، ويضيف أيضا أن المرأة «لا تنجح في الانتخابات، لأن المجتمع يعرف أنها لا تصلح للسياسة». ولعل ما ورد في حديث النائب الكويتي المتشدد يظهر أزمة الخطاب الديني السياسي في العالم العربي تحديدا من العالم الإسلامي، فمحلية الطرح الذي يقدمه الطبطبائي يصطدم تماما مع واقع إسلامي مغاير. فهناك العديد من الآراء اللافتة لعلماء مسلمين توضح أنه ليس كل ما يطرح كمبادئ ليبرالية منافيا لشرع الله أبدا، بل على العكس من ذلك تماما، فهناك العديد من المبادئ الليبرالية هي في صميم الحقوق والشرع الإسلامي، الذي عطل أحيانا بسبب الأعراف والموروثات الاجتماعية. ويختار الطبطبائي ما يناسبه من تفاسير وآراء لدعم موقفه المعادي للمرأة ومشاركتها السياسية، وحين مواجهته بموقف المرأة مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتراجعه عن رأيه وقوله الشهير: «أصابت امرأة وأخطأ عمر»، والآية الكريمة التي تقول «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض»، يبدي رأيا غريبا لا ينسجم مع سائر آراء علماء العالم الإسلامي في أقطار العالم، التي أقرت ببيعة المرأة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي اعتبرت ذلك قياسا لجواز مشاركتها في كافة أشكال العمل السياسي. أما قوله بأن المرأة «لا تنجح في الانتخابات لأن المجتمع يعرف أنها لا تصلح للسياسية»، فالإجابة عليه واردة ومؤكدة في عشرات الأمثلة بالعالم الإسلامي.. في تركيا وبنغلاديش ومصر وإندونيسيا وسورية وباكستان والبحرين ولبنان والمغرب وتونس وماليزيا والسنغال، التي تؤكد قبول ودعم وتشجيع مشاركة المرأة في العمل السياسي عبر صناديق الانتخابات، وهناك مثل حي واضح أمام الجميع يحدث في مصر الآن، فها هي الوزيرة عائشة عبد الهادي بحجابها وقوتها باتت أحد أهم وزيرين شعبيين في الحكومة المصرية الحالية، لما عرفت عنه بالعمل الدؤوب والمواقف الصلبة والفعالة. أما عن الاختلاط وتحريمه له فلن أزيد سوى أن أقول الاختلاط جائز في بلد الله ولا تحريم إلا للخلوة، وغير ذلك ما هو إلا تجاوز في الدين منهي عنه بصريح العبارة. مشكلة بعض الخطاب الديني في العالم العربي من العالم الإسلامي أنه بات خارج قيم الدين ومقصد الشريعة نفسها، وفي كثير من المواقف لم يعد بذات القدرة على التأثير الايجابي والتقدمي، ولم يعد لديه من سلاح سوى اللجوء إلى وسائل الصدمة حتى يوقف كل ما هو مخالف له وغير قادر على قبوله والتعامل معه. الدين أقوى وروحه أنقى ومقصده أسمى ومعناه أبقى من كل المحاولات على قولبته في أقوال ضعيفة وشاذة.

[email protected]