الفيلالي يتأمل الوطن والجوار

TT

يقول عبد اللطيف الفيلالي في كتابه الجديد «المغرب والعالم العربي» إنه «عندما أتأمل مسألة الصحراء أخاطب ربي سائلا: أي نوع من الجيران أعطيت المغرب؟. ولكن نحن موعودون «بمثل هذه الصراحة» منذ مقدمة الكتاب، التي وضعها وزير خارجية فرنسا السابق اوبير فيدرين. ثم يمضي الفيلالي في استعراض نصف قرن من العمل السياسي، رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية وقريبا من «المخزن» مع محمد الخامس والحسن الثاني.

لكن ها نحن أمام موقف نقدي من الحبيب بورقيبة وعهده الطويل. وها هو يحمل مسؤولية تفكيك الوحدة المغاربية وغياب النمو والتطور إلى رجال استمروا في الحكم أربعين عاما مثل العقيد القذافي. والجزائر وقضاياها لها جردة حسابية خاصة. وهو يبلغنا ما عرفه الجميع من أن محمد بوضياف المناضل الذي ترك العمل السياسي لكي ينشئ مصنعا للآجر في المغرب، إنما استدعي إلى الجزائر وجعل رئيسا ثم اغتيل «من الخلف»، بتدبير واحد وقرار واحد.

وينتقد الفيلالي «موضوعه» ثم يعود ويحاول إنصافه. فقد قسا على بورقيبة ثم عاد وأعرب عن تقديره لمؤسس تونس الحديثة. ويذكرنا أن «المجاهد الأكبر» هو الذي كان أول من اقترح دولة من الفلسطينيين واليهود لكن العرب واليهود معا رفضوا الفكرة.

يتأمل «بموضوعية» أيضا ولاية الحسن الثاني. ويرى أن النظام أخفق في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليم وحقوق الإنسان والتحدي الديموقراطي، غير أنه حقق إنجازات كثيرة خصوصا في حقل التنمية الزراعية. على أن شغف الحسن الثاني الأكبر كان السياسة الخارجية «وبرغم تحفظ بعض زعماء الدول، عربا وغير عرب، فقد فرض المغرب على المسرح الدولي».

«لقد لاحظت، كأقرب المعاونين إليه في كل ما يتعلق بالعلاقات الدولية، واقعيته وميله إلى السرية. ولاحظت أنه في السياسة الداخلية كان يقبل الاعتراض بصعوبة شديدة. لكنه كان مختلفا جدا في السياسة الخارجية، إذ كان منفتحا على الحوار ولم يكن يرفض إطلاقا أن يتبنى رأيا اتخذه أحد معاونيه». على أن جميع القرارات المتعلقة بالأمن القومي اتخذت دائما بالتشاور. وقد رفض على سبيل المثال رأي الجيش والقوى المسلحة بخوض «حرب الرمال» مع الجزائر الخارجة لتوها من حرب استعمارية.

* «المغرب والعالم العربي» 2008، دار سكالي، بالفرنسية