هل نحن على أبواب حرب جديدة؟

TT

من يستمع إلى تصريحات الأطراف في منطقتنا يشعر بأن حربا واحدة على الأقل ستنفجر من ثلاث حروب، إسرائيل ضد حزب الله، وإسرائيل ضد سورية، وإسرائيل ايضا ضد إيران. فالإيرانيون يقولون إنهم سيحرقون إسرائيل، كما قالها صدام في أيامه، ورد عليهم وزير الدفاع الإسرائيلي، الذي قال إنهم سيدمرون إيران. وحزب الله قال لا يستبعد أن يأخذ بثأره، وإسرائيل قالت إن الرد سيكون ليس مثل حرب الصيف الماضية. كما غير الإسرائيليون لغة التهديد فشملوا لأول مرة سورية، معلنين أنهم سيردون على دمشق في حال استهدفهم أي هجوم من جنوب لبنان. ورافقت هذه الحرب الكلامية أكبر مناورات في تاريخ إسرائيل، افترض فيها العسكر احتمال الدخول في أربع حروب جماعية دفعة واحدة، مع افتراض خسارتهم لآلاف الإسرائيليين. كل هذا اعطى الانطباع بأن إسرائيل تهيئ الرأي العام المحلي لحرب كبيرة، أو تبرر لمعركة مقبلة. بخلاف ذلك أتصور أن الأطراف الأربعة تتفق على ألا تقع الحرب، على الرغم من التصريحات والمناورات. فقد كانت حرب الصيف الاسرائيلية اللبنانية مؤلمة للأطراف جميعا. العادة ألا منتصر في الحروب، فقد خسرت إسرائيل هيبتها التي كانت فزاعة تخيف كل الفرقاء الاعداء، وعلى الجانب الثاني دكت مقرات حزب الله، ولا يزال الناس الذين فقدوا اأهاليهم وبيوتهم يعانون حتى هذا اليوم. لا أتصور أن الحرب واردة في خطط الأطراف جميعا. فإيران لم تقدم قط على مواجهة الاسرائيليين مباشرة. كما أن سورية هي الأخرى، رغم كل التوترات السياسية، تحاشت دائما المواجهة، لأنها تعرف ان ميزان القوة ليس في صالحها. أيضا يدرك الإسرائيليون أن الدخول في حرب، مهما كانت قوتهم وكانت نهايتها، لا تنتهي باعلان وقف إطلاق النار، بل تفرز حروبا جديدة. مع هذا، ورغم ان المنطق يقول إن الحرب غير ممكنة لأننا أمام اشتباك أكثر تعقيدا من أي يوم مضى، إلا أن اشعال حرب يكفيه أحيانا عود ثقاب واحد، سوء في التقدير أو سوء تصرف فردي، كما قال الأمين العام لحزب الله، لو كان يعلم أن خطف جنديين إسرائيليين سيؤدي الى حرب الصيف لما جرى اختطافهما.

اليوم الأرض ملغمة على عدة جبهات، كما تبدو لنا. فسورية تتعهد بتمويل حزب الله ورعاية مصالحه. وإسرائيل اعتبرت سورية مسؤولة رسميا عن أي هجوم ينفذه حزب الله، وأقرت سياسة جديدة بأن أي هجوم من لبنان، اي من حزب الله، سيرد عليه بالهجوم على سورية. وإيران سبق أن اعلنت رسميا ان اي هجوم على سورية ستعتبره هجوما عليها، اي انها رسميا دخلت في اتفاق دفاع مشترك، اعلنته ابان حرب الصيف. وبالتالي كل المطلوب لقيام الحروب الثلاث خطأ مقصود، او متعمد من طرف ما، لتقوم حرب مختلفة عن كل الحروب السابقة. واعرف ان البعض مل حالة «الوضع الراهن»، ويرى أن حربا هي خير من حالة التعليق المستمرة، لكن اذا عدنا الى الوراء لرأينا ان كل حالات التحريك العسكرية كانت نتائجها كارثية.

[email protected]