موضوع.. بيئة

TT

احتفل العالم بيوم الأرض، كل بلد احتفلت به بطرق وأساليب مختلفة معتمدة فيه على حجم الجرأة والشفافية التي تمكنها من التصدي لمشاكلها في مجال البيئة بصورة حقيقية وصادقة، أم بأسلوب يفتقد للوضوح وللأمانة.

فبينما قامت بعض البلدان بزرع الشجر وافتتاح الحدائق العامة، أو إقامة المنتديات والمؤتمرات، قامت دول أخرى بطرح قضايا شديدة الخطورة واستحداث التشريعات والسياسات الرادعة للمخالفين بحق البيئة والسعي الجاد لتطبيق تلك التشريعات.

ولكن هناك قنبلة موقوتة تبقى دون التطرق لها، وهي برميل بارود جاهز للانفجار أمام أعين الجميع. فحجم السفن الحربية المدمرة والغواصات المهولة الحجم، وجميعها تعمل بالطاقة النووية، تمر عبر قناة السويس الى البحر الأحمر وحتى الخليج العربي، حجم كل ذلك مرعب ومخيف. وغير مفهوم كيف يتم التحكم للآن في حجم النفايات والمخلفات المشعة التي تقذف بها هذه المراكب والغواصات في البحار العربية، وكيف سيتم التعامل مع أي حادث «طارئ» أو «تسرب» كما حدث في القطب الشمالي منذ فترة ليست بالبعيدة مع إحدى الغواصات الروسية العملاقة وذلك وسط غياب الاستعداد البشري والآلي المناسب للتعامل مع كارثة مدمرة من هذا النوع. فالدول العربية وخطط الطوارئ لديها بالكاد تستطيع التعامل مع حرائق من المستوى والحجم المتوسط ، ناهيك من تسربات نووية، والآن المنطقة العربية معرضة ولا شك لخطر نووي حقيقي محدق، سواء أكان نتاج البرامج النووية المسعورة لدى اسرائيل (الدولة المارقة ضد كل القوانين الدولية بما فيها القوانين النووية وقرارات الأمم المتحدة) وبرنامج إيران العسكري وطبعا وجود إدارة كلها رعونة وندرة في الحكمة في البيت الأبيض اليوم، كل تلك الأسباب تجعل إمكانية «حادث» نووي أمرا ممكنا وبالغ الاحتمال. وإذا كان، كما هو معروف ويروج له، برنامج إيران النووي هو خطر على المنطقة، فبنفس القدر من التأكيد والحماس يجب أن يدرك أن أي ضربة عسكرية على هذا البرنامج لا تقل خطورة أو دمارا على المنطقة ككل كنتاج وتبعات لكل ذلك.

الحديث الكاذب عن أسلحة الدمار الشامل التي كانت لدى العراق، والتي استخدمت كذريعة لاطلاق الحرب الحمقاء الظالمة ضد العراق يجب أن يواجه بحملة عربية عالمية لمنع دخول كل مركبة نووية في البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي وجعلها منطقة آمنة من كل ذلك، على أن تتحرك الحكومات والمنظمات والهيئات البيئية والكيانات العالمية مثل: السلام الأخضر وأطباء بلا حدود ومراسلون بلا حدود لابراز حجم الخطر الذي يسيطر على المنطقة، بينما أرتال السفن والمركبات النووية العملاقة تسير وتعبر كالقنابل الموقوتة وتسريباتها واشعاعاتها تبشر بالأمراض والتلوث والدمار البطيء.

منطقة الخليج تحديدا عانت ويلات الحروب لسنوات، وحل على بعضها او فيها مخلفات الأسلحة الغير تقليدية والكيماويات المصاحبة لها، وظهرت على شكل تشوهات وعلل وأمراض ومشاكل لا يمكن التعامل معها ولا حلها حتى الآن، وهي موعودة بكارثة أشد إيلاما وأكبر، ليس بأقل مما تعرضت له هيروشيما وناجازاكي وتشيرنوبل وبوبال فيما واجهوه من كوارث بيئية نتاج إشعاعات فتاكة هالكة. الموضوع النووي وتوابعه هو تحد لا يمكن الاستهانة به بالنسبة للدول العربية التي تتعرض بحارها وشواطئها لتبعيات ذلك وهي تبقى أسيرة استعدادات ضحلة لا يمكن أن تتعامل مع مسألة بالغة التعقيد كهذه، ولكن الصمت يبقى أيضا معيبا وغير مقبول.