مَن يحارب مَن ولماذا ؟

TT

ماذا يجري في البصرة؟ مَن ضد مَن؟ ولماذا؟ هل إيران تحارب مقتدى الصدر؟ أليس هو رهانها المفضل في العراق؟ اذن لماذا تقاتله حليفتها، حكومة المالكي، الذي استبدل «النشامى» بـ «الفرسان»؟ ومن هو مقتدى الصدر الحقيقي؟ هل هو الذي هُتف له في قاعة اعدام صدام حسين؟ هل هو الذي قال بعد سقوط صدام «ذهب الشيطان الأصغر وجاء الشيطان الأكبر»؟

أم هو الذي عاد فوصف الأميركيين بـ «الضيوف»؟ هل هو الذي أعلن قبل أيام انه قرر ترك العمل السياسي للانصراف الى الدراسة الدينية؟ من هم «الصدريون» الذين ينزلون الى الشوارع بالملايين؟ من هو «جيش المهدي»؟ هل هو حقا كما وصفه منشور وزعه اعداء الصدر عام 2003: «جيش مؤلف من عناصر مشبوهة كانوا ضباط أمن في النظام البائد واعضاء في حزب البعث لفوا رؤوسهم بعصب بيضاء وسوداء لخداع الناس بأنهم رجال دين وما هم في الحقيقة سوى شياطين. اننا لا نحتاج جيشكم الذي سميتموه زورا جيش المهدي».

تجد معظم الأجوبة على أي سؤال يخطر في بالك اليوم، في الأخطاء التي ارتكبها الأميركيون. لا يبزهم أحد في سوء التقدير. منذ تجميع «المعارضة» في الخارج الى الحملة على العراق الى ما يحدث اليوم، فتش عن جهل الأميركيين بالعراق. وعن الاصرار على الجهل. والجهل فوق جهل الجاهلينا. أعد قراءة بول بريمر (ربطة العنق والحذاء الرياضي) الذي لم يكن يرى في مقتدى الصدر سوى «رجل دين قادر على قيادة الغوغاء» ثم يعود وينتبه الى انه «قادر على تمزيق هذا البلد». ويكتشف فجأة ان القوات الاميركية والبريطانيين والـ «سي.آي.ايه» تخاذلت في مواجهة مقتدى. حاول علي العلاوي، أحد أعضاء مجلس الحكم، ان يشرح لبريمر ان الصدريين يمثلون فقراء الشيعة. وقال له ان في مدينة الصدر يعيش القادمون من 164 عشيرة في جنوب العراق، وانه لو لم تكن مدينة الصدر ملحقة بالعاصمة لكانت ثاني أكبر مدينة في العراق، قبل البصرة والموصل. اعتمد الأميركيون في وضع خطط العراق على تقارير وضعها المنفيون الذين كانوا قد أصبحوا أكثر ابتعادا عن الوقائع الجديدة من الأميركيين أنفسهم. اتكلوا على الرؤية التي وضعها مندوبو عائلات سياسية غاب عنهم التحول الهائل الذي حدث في العراق بعد حربين كبريين ولم يدركوا أي آثار سوف يتركها سقوط الحكومة المركزية على الشمال والجنوب. وانتقل الأميركيون من تخبط الى آخر. وعاملوا العراق في البداية كأنه مزرعة هجرها أهلها ليتركوا للقادمين حرية التمتع بنزهة الحقول. والغريب في بول بريمر انه لا يزال يدافع عن قراراته حتى الآن. الجهل ليس عنيدا فقط، انه وقح أيضاً.